للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَاسْتَأْذَنَ، فَأُذِنَ لَهُ فَدَخَلَ، فَقَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لأَبِى بَكْرٍ: "أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ"، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ بِأَبِي أنتَ يَا رَسُولَ الله. قَالَ: "فَإِنِّي قَدْ أُذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ". فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصَّحَابَةُ - بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ الله. قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "نَعَمْ". قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَخُذْ بِأَبي أَنْتَ يَا رَسُولَ الله إِحْدَى رَاحِلَتيّ هَاتَيْنِ. قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "بِالثَّمَنِ".

قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجَهَّزْنَاهُمَا أَحَثَّ الجهَازِ، وَصَنَعْنَا لهما سُفْرَةً في جِرَابٍ، فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ قِطْعَةً مَنْ نِطَاقِهَا فَرَبَطَتْ بِهِ عَلَى فَمِ الجرَابِ - فَبِذَلِكَ سُقَيَتْ ذَاتَ النِّطَاقِ - قَالَتْ - ثُمَّ لحِقَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ في جَبَلِ ثَوْرٍ فَكَمَنَا فِيهِ ثَلاثَ لَيَالٍ، يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ الله بْنُ أَبِي بَكْرٍ - وَهْوَ غُلامٌ شَابٌّ ثَقِفٌ لَقِنٌ -، فَيُدْلِجُ مِنْ عِنْدِهِمَا بِسَحَرٍ، فَيُصْبِحُ مَعَ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ، فَلا يَسْمَعُ أَمْرًا يُكْتَادَانِ بِهِ إِلَّا وَعَاهُ، حَتَّى يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلامُ، وَيَرْعَى عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ مِنْحَةً مِنْ غَنَمٍ، فَيُرِيحُهَا عَلَيْهِمَا حِينَ يَذْهَبُ سَاعَةٌ مِنَ الْعِشَاءِ، فَيَبِيتَانِ في رِسْلٍ - وَهْوَ لَبَنُ مِنْحَتِهِمَا وَرَضِيفهِمَا - حَتَّى يَنْعِقَ بِهَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ بِغَلَسٍ، يَفْعَلُ ذَلِكَ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ تِلْكَ الليالي الثَّلاثِ، وَاسْتَأْجَرَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ، وَهْوَ مِنْ بَني عَبْدِ بْنِ عَدِيٍّ هَادِيًا خِرِّيتًا - وَالخرِّيتُ المَاهِرُ بِالْهِدَايَة - قَدْ غَمَسَ حِلْفًا في آلِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِي، وَهْوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ فَأَمِنَاهُ، فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلتَيْهِمَا، وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاثِ لَيَالٍ بِرَاحِلتَيْهِمَا صُبْحَ ثَلاثٍ، وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ وَالدَّلِيلُ فَأَخَذَ بِهِمْ طَرِيقَ السَّوَاحِلِ. (١)

٣ - كان أبو بكر على أتم استعداد لقتل ابنه عبد الرحمن في غزوة بدر؛ لأنه كان يقاتل مع المشركين، فقال له بعد أن أسلم: لو أهدفت لي ما صدفت عنك.

فعن ابن سيرين أن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق كان يوم بدر مع المشركين فلما أسلم قال لأبيه: لقد أهدفت لي يوم بدر فصرفت عنك ولم أقتلك، فقال أبو بكر: لكنك لو أهدفت لي لم أنصرف عنك.


(١) البخاري (٢١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>