للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالحسد؟ وكفى به إثمًا، وعلى ذلك فالصحيح: حدة لا حسد؛ وهي صفة مدح من عائشة لا ذم فيها. والله أعلم.

٢ - أما الرواية الثانية التي جعلوها تحت عنوان: صفات غير مرغوبة في سودة جاءت على لسان عائشة أدت إلى طلاقها؛ فهي ما أخرجه البخاري عن عائشة أن أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- كن يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع؛ وهو صعيد أفيح فكان عمر يقول للنبي -صلى الله عليه وسلم-: احجب نساءك فلم يكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يفعل فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- ليلة من الليالي عشاءً، وكانت امرأة طويلة فناداها عمر: ألا قد عرفناك يا سودة؛ حرصًا على أن ينزل الحجاب فأنزل الله آية الحجاب؛ هذا لفظ البخاري، وفي لفظ لمسلم: خرجت سودة بعد ما ضرب عليها الحجاب لتقضي حاجتها؛ وكانت امرأة جسيمة تفرع النساء جسمًا لا تخفى على من يعرفها، فرآها عمر بن الخطاب فقال: يا سودة، والله ما تخفين علينا، فانظري كيف تخرجين، قالت: فانكفأت راجعة ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيتي وإنه ليتعشى وفي يده عرق، فدخلت فقالت: يا رسول الله، إني خرجت فقال لي عمر كذا وكذا، قالت: فأوحي إليه ثم رفع عنه؛ وإن العرق في يده ما وضعه، فقال: إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن (١).

وفي رواية أبي بكر يفرع النساءَ جسمُها، زاد أبو بكر في حديثه فقال هشام يعني: الْبَرَاز.

قال النووي: (جسيمة) أي: عظيمة الجسم، (تفرعُ النساءَ) أي: تطولهن فتكون أطول منهن، والفارع: المرتفع العالي، لا تخفى على من يعرفها يعني: لا تخفى إذا كانت متلففة في ثيابها ومرطها في ظلمة الليل ونحوها على من سَبَقَتْ له معرفةُ طولها لانفرادها بذلك. (٢)

وفي هذا الحديث عدة مناقب لسودة -رضي الله عنها- ترويها عائشةُ -رضي الله عنها- منها ما يلي:

١ - أن لها صلة مباشرة بنزول الحجاب ومشروعيته وهذه فضيلة.

٢ - امتثالها لأمر الحجاب حيث لم يعرفها عمر إلا بطولها لتفردها به.

٣ - طولها الذي أثنت عليه عائشة في الرواية، وهذه إحدى الميزات التي تميزت بها عن غيرها.


(١) البخاري (١٤٦، ٥٨٨٦)، ومسلم (٢١٧٠).
(٢) شرح النووي لمسلم ١٤/ ١٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>