يسوقه، فقال: إني كنت وجار لي من الأنصار في بني أمية بن زيد، وهي من عوالي المدينة، وكنا نتناوب النزول على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فينزل يومًا وأنزل يومًا، فإذا نزلت جئته من خبر ذلك اليوم من الأمر وغيره، وإذا نزل فعل مثله، وكنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا على الأنصار إذا هم قوم تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يأخذن من أدب نساء الأنصار، فصحت على امرأتي، فراجعتني، فأنكرت أن تراجعني، فقالت: ولم تنكر أن أراجعك، فوالله إن أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- ليراجعنه، وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل، فأفزعني، فقلت: خابت من فعل منهن بعظيم، ثم جمعت علي ثيابي، فدخلت على حفصة، فقلت: أي حفصة أتغاضب إحداكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اليوم حتى الليل؟ فقالت: نعم، فقلت: خابت وخسرت أفتأمن أن يغضب الله لغضب رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فتهلكين لا تستكثري على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا تراجعيه في شيء، ولا تهجريه، واسأليني ما بدا لك، ولا يغرنك أن كانت جارتك هي أوضأ منك، وأحب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- -يريد عائشة- وكنا تحدثنا أن غسان تنعل النعال لغزونا، فنزل صاحبي يوم نوبته فرجع عشاء، فضرب بابي ضربًا شديدًا، وقال: أنائم هو، ففزعت، فخرجت إليه، وقال: حدث أمر عظيم، قلت: ما هو؟ أجاءت غسان؟ قال: لا، بل أعظم منه وأطول طلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نساءه، قال: قد خاب حفصة وخسرت، كنت أظن أن هذا يوشك أن يكون، فجمعت علي ثيابي، فصليت صلاة الفجر مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، فدخل مشربة له، فاعتزل فيها، فدخلت على حفصة، فإذا هي تبكي، قلت: ما يبكيك؟ أولم أكن حذرتك، أطلقكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قالت: لا أدري هو ذا في المشربة، فخرجت، فجئت المنبر، فإذا حوله رهط يبكي بعضهم، فجلست معهم قليلًا، ثم غلبني ما أجد، فجئت المشربة التي هو فيها، فقلت لغلام له أسود: استأذن لعمر، فدخل، فكلم النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم خرج فقال: ذكرتك له، فصمت، فانصرفت، حتى جلست مع الرهط الذين عند المنبر، ثم غلبني ما أجد، فجئت، فذكر مثله، فجلست مع الرهط الذين عند المنبر، ثم غلبني ما أجد، فجئت الغلام فقلت: استأذن لعمر، فذكر مثله، فلما وليت منصرفًا، فإذا الغلام يدعوني قال: أذن لك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فدخلت