للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وريحانة بنت شمعون الخنافية إحدى بني النضير. قال ابن أبي مليكة: فسألت عائشة عن قسمة النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمي ولده فقالت: كان يقسم لهما مرة ويدعهما مرة؛ فإذا قسم أضعف قسمنا فلإحداهن يوم ولنا يومان، وعلى ذلك قسم للمرأة المملوكة النصف مما قسم للحرة. (١)

الوجه الثالث: وإذا كان أعجب بها فلماذا لم يتخذها زوجة، وما الذي منعه من ذلك!

وقد صنع مثله بجويرية وصفية -رضي الله عنهم- مع العلم بأنه كان قد اتخذ مارية قبل التحريم حيث ذكر غير واحد من العلماء كابن عباس، ومجاهد، والضحاك، وقتادة، وابن زيد، وابن جرير، وغيرهم أن هذه الآية نزلت مجازاة لأزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- ورضا عنهن على حسن صنيعهن في اختيارهن الله ورسوله والدار الآخرة لمَّا خيرهن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما اخترن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان جزاؤهن أن الله تعالى قصره عليهن وحرم عليه أن يتزوج بغيرهن أو يستبدل بهن أزواخا غيرهن ولو أعجبه حسنهن، إلا الإماء والسراري، فلا حرج عليه فيهن، ثم إنه تعالى رفع عنه الحرج في ذلك، ونسخ حكم هذه الآية وأباح له التزوج؛ ولكن لم يقع منه بعد ذلك تزوج لتكون المنة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليهن (٢).

قلت: فثبت بهذا التقرير بطلان طعنهم في أم المؤمنين -رضي الله عنها- بسبب هذه الرواية.

الرواية الثانية: التي استدلوا بها على سوء أخلاق عائشة مع مارية:

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمارية القبطية سريته بيت حفصة بنت عمر، فوجدتها معه، فقالت: يا رسول الله، في بيتي من بين بيوت نسائك؟ قال: "فإنها علي حرام أن أمسها يا حفصة، واكتمي هذا علي" فخرجت حتى أتت عائشة، فقالت: يا بنت أبي بكر، ألا أبشرك؟ فقالت: بماذا؟ قالت: وجدت مارية مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيتي، فقلت: يا رسول الله في بيتي من بين بيوت نسائك؟ وبي تفعل هذا من بين نسائك؟ فكان أول السرور أن حرمها على نفسه، ثم قال لي: "يا حفصة، ألا أبشرك؟ " فقلت: بلى بأبي وأمي يا رسول الله، فأعلمني أن أباك يلي الأمر من بعده، وأن أبي يليه بعد أبيك، وقد


(١) تاريخ دمشق ٣/ ١٦٧.
(٢) تفسير ابن كثير (٣/ ٦٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>