١٤ - عن سويد، قال: كان مالك بن نويرة من أكثر الناس شعرًا، وإن أهل العسكر أثفوا برؤوسهم القدور فما منهم رأس إلا وصلت النار إلى بشرته ما خلا مالكًا، فإن القدر نضجت وما نضج رأسه من كثرة شعره، وفى الشعر البشر حرها أن يبلغ منه ذلك وأنشده متمم وذكر خمصه، وقد كان عمر رآه مقدمه على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أكذاك يا متمم كان، قال: أما مما أعنى فنعم. (١)
١٥ - عن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق: أن أبا بكر كان من عهده إلى جيوشه: أن إذا غشيتم دارًا من دور الناس فسمعتم فيها أذانًا للصلاة فأمسكوا عن أهلها حتى تسألوهم ما الذي نقموا، وإن لم تسمعوا أذانًا فشنوا الغارة فاقتلوا وحرقوا، وكان ممن شهد لمالك بالإسلام أبو قتادة الحارث بن ربعي أخو بني سلمة، وقد كان عاهد الله أن لا يشهد مع خالد بن الوليد حربًا أبدًا بعدها، وكان يحدث أنهم لما غشوا القوم راعوهم تحت الليل فأخذ القوم السلاح قال: فقلنا إنا المسلمون، فقالوا: ونحن المسلمون، قلنا: فما بال السلاح معكم، قالوا لنا: فما بال السلاح معكم، قلنا: فإن كنتم كما تقولون فضعوا السلاح، قال: فوضعوها، ثم صلينا وصلوا، وكان خالد يعتذر في قتله؛ أنه قال وهو يراجعه: ما أخال صاحبكم إلا وقد كان يقول كذا وكذا، قال: أو ما تعده لك صاحبًا، ثم قدمه فضرب عنقه وأعناق أصحابه، فلما بلغ قتلهم عمر بن الخطاب تكلم فيه عند أبي بكر فأكثر، وقال: عدو الله عدا على امرئٍ مسلم فقتله، ثم نزا على امرأته، وأقبل خالد بن الوليد قافلًا حتى دخل المسجد وعليه قباء له عليه صدأ الحديد معتجرًا بعمامة له قد غرز في عمامته أسهمًا، فلما أن دخل المسجد، قام إليه عمر فانتزع الأسهم من رأسه فحطمها، ثم قال: أرثاء قتلت امرءًا مسلمًا ثم نزوت على امرأته، والله لأرجمنك بأحجارك، ولا يكلمه خالد بن الوليد، ولا يظن إلا أن رأي أبي بكر على مثل رأي عمر فيه حتى دخل على أبي بكر، فلما أن دخل عليه أخبره الخبر واعتذر إليه
(١) أخرجه الطبري في تاريخه (٢/ ٥٠٣)، قال: كتب إلى السري عن شعيب عن سيف عن خزيمة عن عثمان عن سويد به، فيه سيف بن عمر وقد سبق الكلام عليه.