للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، فما انفصل الحالُ حتى قتلَ منهم نحوًا من ثمانين ألفًا، وكَمَّلَ المائةَ الألفَ من الذين انهزَموا عن المعركةِ، وبَعَثَ بالفتحِ، والأَخْمَاسِ إلى أميرِ المؤمنْين عمرَ -رضي الله عنه-.

فتح قبرص سنة ٢٨ من الهجرة. (١) فتحت على يدِ معاويةَ خلالَ خلافةِ عثمانَ -رضي الله عنهما-، فقد ركب معاويةُ في جيشٍ كثيفٍ من المسلمين، ومعه عُبادةُ بنُ الصامتِ، وزوجتُه أمُّ حَرَامٍ بنتُ مِلحَانَ، وقد بشَّرَها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بتلك الغزوةِ "فقد نام عندَها -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: وَمَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ الله، قَالَ: نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ الله يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ مُلُوكًا عَلَى الْأَسَرَّةِ أَوْ مِثْلَ المُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ -شَكَّ إِسْحَاقُ- قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهمْ، فَدَعَا لها رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحكُ، فَقُلْتُ: وَمَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: ناسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ الله -كَمَا قَالَ فِي الْأَوَّلِ- قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، ادْعُ الله أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ: أَنْتِ مِنْ الْأَوَّلينَ، فَرَكِبَتْ الْبَحْرَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِيَ سُفْيَانَ فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنْ الْبَحْرِ فَهَلَكَتْ (٢).

ففتح اللهُ عليهم وقتلوا منهم خلقًا كثيرًا ثم صالَحَهم معاويةُ على سبعةِ آلافِ دينارٍ كلَّ سنةٍ، وقد ماتت أمُّ حرامٍ -رضي الله عنها- بقبرصَ شهيدةً؛ فقد وقصتها دابتها.

غزو الروم سنة ٣٢ من الهجرة. (٣) غزا معاويةُ -رضي الله عنه- بلادَ الرومِ حتى بلغَ المضيقَ: مضيقَ القسطنطينيةِ.

وهل تعلم عددَ البعوثِ التي خرجت للجهادِ في عهدِ معاوية -رضي الله عنه- وكم مدينة فتِحَت؟

إليك البيان:

سنةَ ٤٢ من الهجرةِ غزا المسلمون اللانَ والرومَ فقَتَلُوا من أمرائِهم وبطارِقَتِهم خلقًا كثيرًا وغَنِمُوا وسَلِمُوا (٤).


(١) تاريخ ابن خلدون (٢/ ٥٧٥).
(٢) البخاري (٢٦٣٦)، ومسلم (١٩١٢).
(٣) تاريخ الطبري (٢/ ٦٢٧).
(٤) تاريخ الطبري (٣/ ١٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>