للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: أنا ابن حاتم، سبحان الله، ما أقبح هذا المقام؟ ألا تجيبون إمامكم، وابن بنت نبيكم، أين خطباء مضر؟ أين المسلمون؟ أين الخواضون من أهل المصر الذين ألسنتهم كالمخاريق في الدعة، فإذا جد الجد فرواغون كالثعالب، أما تخافون مقت الله، ولا عيبها، وعارها. ثم استقبل الحسن بوجهه فقال: أصاب الله بك المراشد، وجنبك المكاره، ووفقك لما يحمد ورده وصدره فقد سمعنا مقالتك، وانتهينا إلى أمرك، وسمعنا منك، وأطعناك فيما قلت وما رأيت، وهذا وجهي إلى معسكري، فمن أحب أن يوافيني فليواف.

ثم مضى لوجهه، فخرج من السجد، ودابته بالباب، فركبها، ومضى إلى النخيلة، وأمر غلامه أن يلحقه بما يصلحه، وكان عدي أول الناس عسكرًا.

ثم قام قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري، ومعقل بن قيس الرياحي، وزياد بن صعصعة التيمي، فأنَّبوا الناس، ولاموهم وحرضوهم، وكلموا الحسن بمثل كلام عدي بن حاتم في الإجابة والقبول.

فقال لهم الحسن: صدقتم -رحمكم الله- ما زلت أعرفكم بصدق النية والوفاء بالقول والمودة الصحيحة، فجزاكم الله خيرًا، ثم نزل، وخرج الناس، فعسكروا، ونشطوا للخروج، وخرج الحسن إلى معسكره، واستخلف على الكوفة المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، وأمره باستحثاث الناس وإشخاصهم إليه، فجعل يستحثهم ويخرجهم، حتى التأم العسكر.

ثم إن الحسن بن علي سار في عسكر عظيم وعدة حسنة حتى أتى دير عبد الرحمن فأقام به ثلاثًا حتى اجتمع الناس، ثم دعا عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب فقال له: يابن عم، إني باعث معك اثني عشر ألفا من فرسان العرب، وقراء المصر، الرجل منهم يزن الكتيبة، فسر بهم، وألن لهم جانبك، وابسط وجهك، وافرش لهم جناحك، وأدنهم من مجلسك؛ فإنهم بقية ثقة أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وسر بهم على شط الفرات حتى تقطع بهم الفرات، ثم تصير إلى مسكن، ثم امض حتى تستقبل معاوية، فإن أنت لقيته فاحبسه حتى آتيك فإني في إثرك وشيكًا، وليكن خبرك عندي كل يوم، وشاور هذين؛ يعني قيس بن سعد، وسعيد بن قيس، فإذا لقيت معاوية فلا تقاتله حتى يقاتلك، فإن فعل فقاتل، فإن أُصِبت فقيس بن سعدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>