للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيء. فقد كان رأي معاوية - رضي الله عنه -، ومن حوله من أهل الشام أن يقتص علي - رضي الله عنه - من قتلة عثمان ثم يدخلوا بعد ذلك في البيعة.

يقول إمام الحرمين الجويني في لمع الأدلة: إن معاوية وإن قاتل عليًّا فإنه لا ينكر إمامته ولا يدعيها لنفسه، وإنما كان يطلب قتلة عثمان ظنًا منه أنه مصيب، وكان مخطئًا. (١)

أما شيخ الإسلم فيقول: بأن معاوية لم يدّع الخلافة ولم يبايع له بها حتى قتل علي، فلم يقاتل على أنه خليفة، ولا أنه يستحقها، وكان يقر بذلك لمن يسأله. (٢)

ويقول ابن حجر الهيتمي: ومن اعتقاد أهل السنة، والجماعة أن ما جرى بين معاوية وعلي رضي الله عنهما، لم يكن لمنازعة معاوية لعلي في الخلافة للإجماع على أحقيتها لعلي .. فلم تهج الفتنة بسببها، وإنما هاجت بسبب أن معاوية ومن معه طلبوا من علي تسليم قتلة عثمان إليهم لكون معاوية ابن عمه، فامتنع علي. (٣)

وهكذا تتضافر الروايات وتشير إلى أن معاوية - رضي الله عنه - خرج للمطالبة بدم عثمان، وانه صرح بدخوله في طاعة علي - رضي الله عنه - إذا أقيم الحد على قتلة عثمان أما وجه الخطأ في موقفه من مقتل عثمان - رضي الله عنه - فيظهر في رفضه أن يبايع لعلي - رضي الله عنه - قبل مبادرته إلى القصاص من قتلة عثمان، بل ويلتمس منه أن يمكنه منهم، مع العلم أن الطالب للدم لا يصح أن يحكم، بل يدخل في الطاعة ويرفع دعواه إلى الحاكم ويطلب الحق عنده.

ويمكن أن نقول إن معاوية - رضي الله عنه - كان مجتهدًا متأولًا يغلب على ظنه أن الحق معه، فقد قام خطيبًا في أهل الشام بعد أن جمعهم، وذكّرهم أنه ولي عثمان -ابن عمه- وقد قتل مظلومًا، وقرأ عليهم الآية الكريمة {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (٣٣)} (الإسراء: ٣٣).


(١) لمع الأدلة في عقائد أهل السنة للجويني صـ ١١٥.
(٢) مجموع الفتاوى (٣٥/ ٧٢).
(٣) الصواعق المحرقة (ص ٣٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>