للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن العربي رحمه الله: فإن قيل كان منها -من شروط الإمامة- العدالة، والعلم، ولم يكن يزيد عدلا، ولا عالما. قلنا: وبأي شيء نعلم عدم علمه، أو عدم عدالته، ولو كان مسلوبهما لذكر ذلك الثلاثة الفضلاء الذين أشاروا عليه بأن لا يفعل، وإنما رموا إلى الأمر بعيب التحكم وأرادوا أن تكون شورى اهـ (١)

وهذا أمثل ما في اعتراضهم من الروايات مع ضعف في أكثرها ونكارة في بعض متونها.

الرواية الأولى: عن يوسف بن ماهك قال: كان مروان على الحجاز استعمله معاوية فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له بعد أبيه، فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئا، فقال: خذوه، فدخل بيت عائشة فلم يقدروا، فقال مروان: إن هذا الذي أنزل الله فيه {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي}، فقالت عائشة من وراء الحجاب: ما أنزل الله فينا شيئًا من القرآن إلا أن الله أنزل عذري. (٢)

وفي رواية الإسماعيلي، فقال عبد الرحمن: ما هي إلا هرقلية، وله من طريق شعبة، عن محمد بن زياد، فقال مروان: سُنة أبي بكر وعمر، فقال عبد الرحمن: سُنة هرقل، وقيصر. ولابن المنذر من هذا الوجه أجئتم بها هرقلية تبايعون لأبنائكم (٣).

الرواية الثانية: عن ذكوان مولى عائشة قال: لما أجمع معاوية أن يبايع لابنه يزيد حج فقدم مكة في نحو من ألف رجل فلما دنا من المدينة خرج ابن عمر، وابن الزبير، وعبد الرحمن بن أبي بكر. فلما قدم معاوية المدينة صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكر ابنه يزيد قال: من أحق بهذا الأمر منه؟ ثم ارتحل فقدم مكة فقضى طوافه ودخل منزله. فبعث إلى ابن عمر فتشهد، وقال: أما بعد، يا بن عمر فإنك قد كنت تحدثني أنك لا تحب أن تبيت ليلة سوداء ليس عليك أمير، وإني أحذرك أن تشق عصا المسلمين، وأن تسعى في فساد ذات بينهم فلما سكت تكلم ابن عمر فحمد الله، وأثنى عليه ثم قال: أما بعد: فإنه قد


(١) العواصم من القواصم (١/ ٢٢٩).
(٢) البخاري (٤٥٥٥).
(٣) فتح الباري (٨/ ٥٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>