للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَخُذْهُ، وَلَا تَنْثُرْهُ نَثْرًا، فَقَدْ حَمَلْتُ مِنْ ذَلِكَ التَّمْرِ كَذَا وَكَذَا مِنْ وَسْقٍ في سَبِيلِ الله" فكُنَّا نَأْكُلُ مِنْهُ وَنُطْعِمُ، وَكَانَ لَا يُفَارِقُ حَقْوِي حَتَّى كَانَ يَوْمُ قَتْلِ عُثْمَانَ فَإِنَّهُ انْقَطَعَ. (١)

دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - له بحبه للمؤمنين؛ وحب المؤمنين له: عَنْ أَبِي كَثِيرٍ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حدثني أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة، فدعوتها يوما فأسمعتني في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أكره، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكي، قلت يا رسول الله إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى علي، فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم اهد أم أبي هريرة" فخرجت مستبشرًا بدعوة نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما جئت فصرت إلى الباب، فإذا هو مجاف، فسمعت أمي خشف قدمي، فقالت: مكانك يا أبا هريرة، وسمعت خضخضة الماء، قال: فاغتسلت ولبست درعها، وعجلت عن خمارها، ففتحت الباب، ثم قالت: يا أبا هريرة أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، قال فرجعت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتيته وأنا أبكي من الفرح، قال: قلت: يا رسول الله، أبشر قد استجاب الله دعوتك وهدى أم أبي هريرة، " فحمد الله وأثنى عليه وقال خيرًا، قال: قلت: يا رسول الله ادع الله أن يحببني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين، ويحببهم إلينا، قال: فقال رسول الله: "اللهم حبب عبيدك هذا يعني أبا هريرة- وأمه إلى عبادك المؤمنين، وحبب إليهم المؤمنين" فما خلق مؤمن يسمع بي ولا يراني إلا أحبني. (٢)

قال ابن كثير: وهذا الحديث من دلائل النبوة؛ فإن أبا هريرة محبب إلى جميع الناس، وقد شهر الله ذكره بما قدره أن يكون من روايته من إيراد هذا الخبر عنه على رؤوس الناس في الجوامع المتعددة في سائر الأقاليم في الإنصات يوم الجمعة بين يدي الخطبة، والإمام على المنبر، وهذا من تقدير الله العزيز العليم، ومحبة الناس له - رضي الله عنه -. (٣)


(١) حسن. أخرجه أحمد في المسند ٢/ ٣٥٢، والترمذي في السنن (٣٨٣٩)، وابن حبان في صحيحه (٦٥٣٢) من طرق عن المهاجر عن أَبِي العَاليةِ الرِّيَاحِيِّ عن أبي هريرة به، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي (٣٠١٥).
(٢) مسلم (٢٤٩١).
(٣) البداية والنهاية ٨/ ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>