للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسنة صاحبيه، ولكنه حدث من الناس فخاف أن يستنوا. (١)

الثاني: أنه كان يري القصر مختصًا بمن كان شاخصًا سائرًا، وأما من أقام في مكان في أثناء سفره فله حكم المقيم فيتم (٢)، والحجة ما رواه أحمد من حديث عباد بن عبد الله بن الزبير قال: لمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاوِيَةُ حَاجًّا قَدِمْنَا مَعَهُ مَكَّةَ قَالَ فَصَلَّى بِنَا الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى دَارِ النَّدْوَةِ قَالَ وَكَانَ عُثْمَانُ حِينَ أَتَمَّ الصَّلَاةَ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ صَلَّى بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْعِشَاءَ الْآخِرَةَ أَرْبَعًا أَرْبَعًا فَإِذَا خَرَجَ إِلَى مِنًى وَعَرَفَاتٍ قَصَرَ الصَّلَاةَ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الحجِّ وَأَقَامَ بِمِنًى أَتَمَّ الصَّلَاةَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ مَكَّةَ فَلَمّا صَلَّى بِنَا الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ نَهَضَ إِلَيْهِ مَرْوَانُ بْنُ الحْكَمِ وَعَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ فَقَالَا لَهُ مَا عَابَ أَحَدٌ ابْنَ عَمِّكَ بِأَقْبَحِ مَا عِبْتَهُ بِهِ فَقَالَ لهما وَمَا ذَاكَ قَالَ فَقَالَا لَهُ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ أَتَمَّ الصَّلَاةَ بِمَكَّةَ قَالَ فَقَالَ لهما وَيْحَكُمَا وَهَلْ كَانَ غَيْرُ مَا صَنَعْتُ قَدْ صَلَّيْتُهُمَا مَعَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رضي الله عنه - قَالَا: فَإِنَّ ابْنَ عَمِّكَ قَدْ كَانَ أَتمّهَا وَإِنَّ خِلَافَكَ إِيَّاهُ لَهُ عَيْبٌ قَالَ فَخَرَجَ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْعَصْرِ فَصَلَّاهَا بِنَا أَرْبَعًا (٣).

الثالث: أنه قد تأهل بمنى، والمسافر إذا أقام في موضع وتزوج منه أو كان له به زوجة أتم (٤).

الرابع: أنه كان يرى هو وعائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما قصر لأنه أخذ بالأيسر من ذلك لأمته، فأخذا لأنفسهما بالشدة (٥). هذه هي بعض الاعتذارات التي أخذ بها أهل العلم وهناك اعتذارات أخرى (٦).


(١) شرح مسلم للنووي (٣/ ٢١٧)، زاد المعاد (١/ ٤٦٩)، فتح الباري (٢/ ٦٦٥).
(٢) ابن حجر في فتح الباري (٢/ ٦٦٥).
(٣) حسن. أخرجه أحمد في مسنده (٤/ ٩٤)، الطبراني في الكبير (١٩/ ٧٦٥) مختصرًا من حديث ابن إسحاق قال: حدثنا ابن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن ابن عباد به. وحسن إسناده ابن حجر كما في الفتح (٢/ ٦٦٥).
(٤) زاد المعاد (١/ ٤٧٠)، فتح الباري لابن حجر (٢/ ٦٦٤). ومن الاعتذارات الأخرى:
أ- أن عثمان - رضي الله عنه - كان إمامًا للناس، والإمام حيث نزل فهو عمله ومحل ولايته، فكأنه وطنه.
ب- أن عثمان - رضي الله عنه - كان قد عزم على الإقامة والاستيطان بمنى، واتخاذها دار خلافة، فلهذا أتم، ثم بدا له أن يرجع إلى المدينة. (راجع زاد المعاد (١/ ٤٦٩: ٤٧٥).
(٥) فتح الباري لابن حجر (٢/ ٦٦٥)، شرح مسلم للنووي (٢/ ٢١٦).
(٦) زاد المعاد (١/ ٤٦٩: ٤٧١)، فتح الباري (٢/ ٦٦٥: ٦٦٤)، شرح النووي (٢/ ٢١٧: ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>