للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

راغبين في تأليف الكلمة؟ فمن خرج إليهم ودافعهم وقاتلهم دافعوا عن مقصدهم كما يفعل في سائر الأسفار والمقاصد.

فلما وصلوا إلى البصرة تلقاهم الناس بأعلى المربد مجتمعين حتى لو رمى حجر ما وقع إلا على رأس إنسان، فتكلم طلحة وتكلمت عائشة -رضي اللَّه عنها- وكثر اللغط، وطلحة يقول: انصتوا فجعلوا يركبونه ولا ينصتون فقال: أف أف، فراش نار، وذباب طمع وانقلبوا على غير بيان، وانحدروا إلى بني نهد فرماهم الناس بالحجارة حتى نزلوا الجبل والتقى طلحة والزبير وعثمان بن حنيف عامل عليّ على البصرة، وكتبوا بينهم أن يكفوا عن القتال ولعثمان دار الإمارة والمسجد وبيت المال، وأن ينزل طلحة والزبير من البصرة حيث شاءا ولا يعرض بعضهم لبعض حتى يقدم عليّ.

وروى أن حكيم بن جبلة عارضهم حينئذ فقتل بعد الصلح.

وقدم عليّ البصرة وتدانوا ليتراءوا فلم يتركهم أصحاب الأهواء، وبادروا بإراقة الدماء واشتجر بينهم الحرب وكثرت الغوغاء على البوغاء كل ذلك حتى لا يقع برهان ولا تقف الحال على بيان ويخفى قتلة عثمان، وإن واحدًا في الجيش يفسد تدبيره فكيف بألف؟ . (١)

ولم يثبت من طريق صحيح يمكن أن يعول عليه، أنهم ضربوا عثمان بن حنيف ونتفوا شعر وجهه -رضي اللَّه عنه-، والصحابة الكرام -رضي اللَّه عنهم- يتنزهون عن مثل هذه المثلة القبيحة. (٢)

وحين عسكر جيش عليّ بذي قار أرسل عبد اللَّه بن عباس إلى طلحة والزبير يسألهما: هل أحدث ما يوجد السخط على خلافته، كحيف في حكم أو استئثار بفيء؟ أو في كذا؟ فقال الزبير: ولا في واحدة منها. (٣)

وبالجملة فعائشة وطلحة والزبير -رضي اللَّه عنهم- إنما خرجوا قاصدين الإصلاح، وجمع كلمة المسلمين، وما رافق ذلك من قتال وحروب فلم يكن بمحض إرادتهم ولا قصدًا منهم،


(١) العواصم من القواصم (١٥٥)، وانظر: تاريخ الطبري (٤/ ٤٦٨ - ٤٧١).
(٢) وهذه من روايات أبي مخنف الكذاب، انظر: مرويات أبي مخنف في تاريخ الطبري (ص ٢٥٨).
(٣) فضائل الصحابة للإمام أحمد (٢/ ٥٩٦) بسند صحيح، وابن أبي شيبة: المصنف (١٥/ ٢٦٧) بتصرف يسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>