أحياء. وهناك من كان يربط الأجساد بالقش اليابس ويشعل فيها النار.
كانت فنون التعذيب لديهم أنواعًا منوعة. بعضهم كان يلتقط الأحياء فيقطع أيديهم قطعًا ناقصًا لتبدو كأنها معلقة بأجسادهم، ثم يقول لهم:((هيا احملوا الرسائل)) أي: هيا أذيعوا الخبر بين أولئك الذين هربوا إلى الغابات. أما أسياد الهنود ونبلاؤهم فكانوا يقتلون بأن تصنع لهم مشواة من القضبان يضعون فوقها المذراة، ثم يربط هؤلاء المساكين بها، وتوقد تحتهم نار هادئة من أجل أن يحتضروا ببطء وسط العذاب والألم والأنين.
ولقد شاهدت مرة أربعة من هؤلاء الأسياد فوق المشواة. وبما أنهم يصرخون صراخًا شديدًا أزعج مفوض الشرطة الأسبانية الذي كان نائمًا (أعرف اسمه، بل أعرف أسرته في قشتالة) فقد وضعوا في حلوقهم قطعًا من الخشب أخرستهم، ثم أضرموا النار الهادئة تحتهم.
رأيت ذلك بنفسي، ورأيت فظائع ارتكبها المسيحيون أبشع منها. أما الذين هربوا إلى الغابات وذرى الجبال بعيدًا عن هذه الوحوش الضارية، فقد روض لهم المسيحيون كلابًا سلوقية شرسة لحقت بهم، وكانت كلما رأت واحدًا منهم انقضت عليه ومزقته وافترسته كما تفترس الخنزير. وحين كان الهنود يقتلون مسيحيًا دفاعًا عن أنفسهم كان المسيحيون يبيدون مائة منهم لأنهم يعتقدون أن حياة المسيحي بحياة مائة هندي أحمر.
وشهد شاهد من أهلها. . . كما يقولون. .
ألم تذكرنا هذه الفظاعات والوحشية بما حصل في البوسنة والشيشان؟ من وراء ذلك كله أليسوا هم دعاة المسيحية الذين يتشدقون بالحرية والإنسانية والمساواة والعدالة؟ ويتهمون الإسلام بالإرهاب؟
لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم (١)
(١) هذا الكتاب من تأليف المطران برتولومي دي لاس كازاس. ترجمة سميرة عزمي الزين. من منشورات المعهد الدولي للدراسات الإنسانية. لمن أراد أن يستزيد فالكتاب ملىء بالفضائح التي تقشعر لها الأبدان.