الثالث: أنه لا يتغير ولا تعرض له الآفات، من الهرم والمرض والسنة والنوم والنسيان والندم والخوف والهم والحزن ونحو ذلك.
الرابع: أنه لا يماثل شيئًا من مخلوقاته، بل ليس كمثله شيء، لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله. ومما يبين ذلك قوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (٤)} (سورة الإخلاص). فهذه السورة متضمنة لتوحيد الاعتقاد والمعرفة، وما يجب إثباته للرب تعالى من الأحدية المنافية لمطلق المشاركة بوجه من الوجوه، والصمدية المثبتة له جميع صفات الكمال، التي لا يلحقها نقص بوجه من الوجوه، ونفي الولد والوالد، الذي هو من لوازم الصمدية وغناه وأحديته، ونفي الكفء المتضمن لنفي التشبيه والتمثيل والتنظير. فتضمنت هذه السورة إثبات كل كمال له، ونفي كل نقص عنه، ونفى إثبات شبيه أو مثيل له في كماله، ونفي مطلق الشريك عنه. وهذه الأصول هي مجامع التوحيد العلمي الاعتقادي الذي يباين صاحبه جميع فرق الضلال والشرك؛ ولذلك كانت تعدل ثلث القرآن؛ فإن القرآن مداره على الخبر والإنشاء، والإنشاء ثلاثة: أمر ونهي وإباحة، والخبر نوعان: خبر عن الخالق تعالى وأسمائه وصفاته وأحكامه، وخبر عن خلقه فأخلصت سورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} الخبر عنه، وعن أسمائه وصفاته؛ فعدلت ثلث القرآن، وخلصت قارئها المؤمن بها من الشرك العلمي، كما خلصت سورة {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} من الشرك العملي الإرادي القصدي (١).
الخامس: أنه لا يحل في شيء من مخلوقاته، ولا يحل في ذاته منها، بل هو بائن عن خلقه بذاته، والخلق بائنون عنه.
السادس: أنه أعظم من كل شيء منها، بل هو بائن عن خلقه بذاته، والخلق بائنون عنه.
السابع: أنه أعظم من كل شيء، وأكبر من كل شيء، وفوق كل شيء وعال على كل شيء وليس فوقه شيء البتة.