والصوم في الحقيقة بريء من التهمة، فالصوم يعمل على تصفية النفوس والتسامي بالأرواح، وهذا يمد الإنسان بالطاقة التي تجعله قادرًا على الإنتاج والعمل أكثر مما لو لم يكن صائمًا، -وأكبر دليل على ذلك- الغزوات التي حدثت في شهر رمضان المبارك، فقد وقعت أحداثٌ تاريخيةٌ فاصلةٌ كبرى في شهر رمضان تدل على أن الإسلام يقدر الأمور حق قدرها، وأن شعار الصوم هو الجهاد والقوة والعمل لا الضعف والهروب والفتور والكسل، فالمسلم يتفاعل مع الحياة، ولا يصح لمسلم أن يقول إن الصوم يعطل الأعمال ويؤخر المجتمعات، فسبيل الإسلام معروف وهو الجهاد ودين اللَّه وشرعه يسرٌ لا عسرٌ، ودليل ذلك الكلام هذه الأحداث الكبرى التي وقعت في رمضان، ونكتفي بذكر أشهرها:
١ - معركة بدر الكبرى: في السابع عشر من شهر رمضان (٢ هـ) وهي يوم الفرقان، فرق اللَّه فيه بين الحق والباطل، وانتصر فيه الإسلام واندحر الشرك والوثنية، قال تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢٣)} (آل عمران: ١٢٣)، وفيها قُتل فرعون الأمة أبو جهل أكبر أعداء الإسلام.
٢ - فتح مكة: وهو الفتح الأكبر {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}(الفتح: ١)، حدث في ١٠ رمضان (٨ هـ)، وقد تم فيه القضاء على فلول الوثنية، وتم فيه تحطيم الأصنام حول الكعبة.
٣ - وقعت بعض أحداث غزوة تبوك: في رمضان سنة ٩ هـ.
٤ - انتشر الإسلام في اليمن في السنة العاشرة في رمضان.
٥ - هدم خالد بن الوليد -رضي اللَّه عنه- لخمس بقين من رمضان في السنة الثامنة- البيت الذي كانت تُعبد فيه العزى في نخلة وقال للرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: تلك العزى ولا تُعبد أبدًا (١).
٦ - قدم في السنة التاسعة من رمضان وفد ثقيف من الطائف إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يريدون الإسلام، وهُدم فيها صنم اللات الذي كانت تعبده ثقيف.