للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمنْهَا: أَنَّ النِّكَاحَ فِرَاشٌ يَثْبُتُ بِهِ النَّسَبُ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ، بَلْ لَا يَنْتَفِي الْوَلَدُ المَوْلودُ عَلَى فِرَاشِ النِّكَاحِ إلَّا بِاللِّعَانِ؛ وَالْقَائِلُونَ بِالْمُتْعَةِ لَا يُثْبِتُونَ النَّسَبَ مِنْهُ، فَعَلِمْنَا أَنَّهَا لَيْسَتْ بِنِكَاحٍ وَلَا فِرَاشٍ.

وَمِنْهَا: أَنَّ الدُّخُولَ بِهَا عَلَى النِّكَاحِ يُوجِبُ الْعِدَّةَ عِنْدَ الْفُرْقَةِ، وَالمَوْتُ يُوجِبُ الْعِدَّةَ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ، قَالَ اللَّه -سبحانه وتعالى-: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} وَالْمُتْعَةُ لَا تُوجِبُ عِدَّةَ الْوَفَاةِ، وَقَالَ -سبحانه وتعالى-: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} وَلَا تَوَارُثَ عِنْدَهُمْ فِي المُتْعَةِ.

فَهَذِهِ هِيَ أَحْكَامُ النِّكَاحِ الَّتِي يُخَصُّ بِهَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ رِقٌّ أَوْ كُفْرٌ يَمْنَعُ التَّوَارُثَ، فَلَمّا لَمْ يَكُنْ فِي الْمُتْعَةِ مَانِعٌ مِنْ المِيْرَاثِ مِنْ أَحَدِهِمَا بِكُفْرٍ أَوْ رِقٍّ وَلَا سَبَبَ يُوجِبُ الْفُرْقَةَ وَلَا مَانِعَ مِن ثُبُوتِ النَّسَبِ مَعَ كَوْنِ الرَّجُلِ مِمَّنْ يَسْتَفْرِشُ وَيَلْحَقُهُ الْأَنْسَابُ لفِرَاشِهِ، ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِنِكَاحٍ؛ فَإِذَا خَرَجَتْ عَنْ أَنْ تَكُونَ نِكَاحًا أَوْ مِلْكَ يَمِينٍ كَانَتْ مُحَرَمَّةً بِتَحْرِيمِ اللَّه إيَّاهَا فِي قَوْلِهِ: {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (٧)}. (١)

عن الزهري عن القاسم بن محمد قال: إني لأرى تحريمها في القرآن، قال: فقلت: أين؟ قال: فقرأ علي هذه الآية: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦)} (المؤمنون: ٥ - ٦) (٢).

الدليل الثاني: قال -عزَّ وجلَّ-: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ. . . .} (النساء: ٢٥).


(١) أحكام القرآن للجصاص (٢/ ١٥٠: ١٤٩)، وانظر بدائع الصنائع للكاساني (٢/ ٢٧٣: ٢٧٢)، ومجموع الفتاوى لابن تيمية (٣٢/ ١٠٧)، وأضواء البيان (١/ ٢٨٥).
(٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (١٤٠٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>