المعروف بالمحارب، وكان أخوي ملوك الصليبيين، وقتها لغزو الأندلس، واحتلالها، ووعدوه بانضمام عشرات الألوف منهم، وأرسلوا له بأسمائهم في عرايض لضمان ولائهم، ووعدوه بالمساعدة بالذخائر، والمؤن، والأرواح، والدماء، وبالفعل قام ألفونسو المحارب بغزوته الشهيرة، واخترق قواعد الأندلس يعيث فيها فسادًا، وجنود النصارى ينضمون إليه أثناء سيره يدلونه على المسالك، والطرق، ومداخل البلاد، ولكن بفضل اللَّه عز وجل وحده فشلت تلك الغزوة الجريئة، وعاد ألفونسو خائبًا فما كان من النصارى إلا أن شعرو بخطورة موقفهم ففرو في صحبة (ألفونسو) وتركو ديارهم وأهلهم.
بالجملة كان النصارى في الأندلس نكبة على البلاد، والعباد، ورغم كل ما لاقوه من عون، ورعاية، وحماية من الحكومات الإسلامية، وكانوا طابورًا خامسًا للأعداء، وهذا ما أقر به مؤرخو الصليبيين أنفسهم فهذا الأستاذ (بيدال) يقول (إن نجم المعاهدين قد بزغ ثانية عقب انحلال الدولة الأندلسية، وقيام دول الطوائف الضعيفة، واستطاعوا أن يؤدوا خدمات جليلة لقضية النصرانية، والاسترداد النصراني)، بل إن الحرية الممنوحة لهم دفعتهم للتطاول على المسلمين، وأصلهم كما نرى من الرسالة الشهيرة التي كتبها (ابن جرسيا) في تفضيل العجم على العرب سنة ٤٥٠ هـ، وهي رسالة تفيض تحاملًا ضد الجنس العربي، وتنوه بوضاعة منبته، وخسيس صفاته، وحقارة عيشه، وميوله وانغماسه في شهوات الجنس، وتشيد بالعكس بصفات العجم (كل من ليس عربي)، وترفعهم عن الشهوات الدنية، وتبحرهم في العلوم، وغير ذلك، مما يوضح نتاج سياسة التسامح، واللين معهم، والجدير بالذكر أن خياناتهم، وجرائمهم المتكررة دفعت فقهاء المسلمين لئن يحملوا الحكام على عقابهم كما حدث من كبير فقهاء الأندلس (ابن رشد الجد) عندما أصدر فتوى بوجوب تغريب المعاهدين من الأندلس إلى المغرب، وذلك سنة ٥٢١ هـ، في عهد أمير المسلمين علي بن يوسف.