للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم زعماء ضعفاء الإيمان من المسلمين مطاعون في أقوامهم ويرجى بإعطائهم تثبيتُهم، وقوةُ إيمانهم، ومناصحتُهم في الجهاد وغيره.

ومنهم: قوم من المسلمين في الثغور وحدود بلاد الأعداء يُعْطون لما يُرجى مِنْ دفاعهم عمن وراءهم من المسلمين إذا هاجمهم العدو.

ثم قال: وأولى منهم بالتأليف في زماننا قوم من المسلمين يتألفهم الكفار ليدخلوهم تحت حمايتهم أو في دينهم، فإننا نجد دول الاستعمار الطامعة في استعباد جميع المسلمين وفى ردهم عن دينهم - يخصصون من أموال دولهم سهمًا للمؤلفة قلوبهم من المسلمين، فمنهم من يؤلفونه لأجل تنصيره وإخراجه من حظيرة الإسلام، ومنهم من يؤلفونه لأجل الدخول في حمايتهم ومشاقة الدول الإسلامية والوحدة الإسلامية ككثير من أمراء جزيرة العرب وسلاطينها، أفليس المسلمون أولى بهذا منهم؟ !

ومنهم: قوم من المسلمين يُحتاج إليهم لجباية الزكاة ممن لا يعطيها إلا بنفوذهم وتأثيرهم إلا أن يقاتلوا، فيختار بتأليفهم وقيامهم بهذه المساعدة للحكومة أخف الضررين وأرجح المصلحتين، وهذا سبب جزئي قاصر، فمثله ما يشبهه من المصالح العامة (١).

والحق: أن كلا الأمرين غير صحيح، فالنسخ لم يقع، والحاجة إلى تأليف القلوب لم تنقطع، ولا عجب أن يعطى كافر من صدقات المسلمين تأليفًا لقلبه على الإسلام، أو تمكينًا له في صدره، فإن هذا -كما ذكر القرطبي- ضرب من الجهاد، فالمشركون ثلاثة أصناف: صنف يرجع عن كفره بإقامة البرهان، وصنف بالقهر والسنان، وصنف بالعطاء والإحسان. والإمام الناظر للمسلمين يستعمل مع كل صنف ما يراه سببًا لنجاته وتخليصه من الكفر. (٢)

وقد يكون ذلك بإعطاء مساعدات لبعض الحكومات غير المسلمة؛ لتقف في صف المسلمين، أو معونة بعض الهيئات والجمعيات والقبائل ترغيبًا لها في الإسلام، أو مساندة


(١) تفسير المنار (١٠/ ٤٩٤)، وما بعدها بتصرف.
(٢) تفسير القرطبي (٨/ ١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>