للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل لقد جعل الإسلام من نظام التسري سبيلًا لتحقيق المزيد من الحرية للأرقاء، وصولًا إلى تصفية نظام العبودية والاسترقاق. . فأولاد السرية في الشرع الإسلامي، يولدون أحرارًا بعد أن كانوا يظلون أرقاء في الشرائع والحضارات غير الإسلامية والسرية، بمجرد أن تلد، ترتفع إلى مرتبة أرقى هي مرتبة "أم الولد" ثم تصبح كاملة الحرية بعد وفاة والد أولادها. . (١)

أما أنه وسيلة من وسائل التحرير فلأن الأمة حينما تكون مملوكة لمسلم فيجوز له أن يعاشرها معاشرة الزوجات، فإذا ولدت له ولدًا واعترف بالولد أنه ابنه أصبحت في نظر الشرع (أم ولد)، وفي هذه الحالة يحرم على السيد أن يبيعها، وإذا مات ولم يعتقها في حياته فإنها تصبح حرة بعد مماته مباشرةً. وكم من إماء في العصور السالفة تحررن بهذه الوسيلة، وكم رقيقة نعمت بالحرية حين أصبحن أمهات أولاد.

وأما أنه مأثرة عظيمة من مآثر الإسلام في تكريم المرأة؛ فلأن المرأة التي كانت تسترق في الحروب في غير بلاد المسلمين كان عرضها نهبًا مباحًا لكل طالب على طريقة البغاء، بل كانت منهوكة الكرامة رخيصة العرض مهدرة الحقوق.

أما استرقاقها في ظل النظام الإسلامي فيختلف عما كانت تلقاه قبل الإسلام من ذل ومهانة واستهتار، فالإسلام قد حفظ لها حقها وصان لها عرضها وشرفها، فهي ملك يمين لصاحبها فقط لا يجوز لغير مالكها أن يدخل عليها، ويعاشرها معاشرة الزوجات اللهم إلا إذا أذن لها بالزواج تزوجت، فعندئذ لا يحل لمالكها أن يقربها ولا أن يخلو بها، وجعل من حقها نيل الحرية بالمكاتبة إن شاءت، وتُحرر بعد موت مالكها إن كانت أم ولد، ويُحرر معها ولدها، عدا عما يجب أن تتلقاه من السيد من حسن معاملة وكرم معاشرة كما أمرت


(١) حقائق الإسلام في مواجهة شبهات المشككين (٦٢٢ - ٦٢٥) بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>