للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (١٥١) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (١٥٢)} (النساء: ١٥٠ - ١٥٢)، فذم المفرق بينهم بأن يؤمن ببعض دون بعض وبين أنه فضل بعضهم على بعض فقال تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} (البقرة: ٢٥٣)، فبين أنه فضل بعضهم على بعض، وقال تعالى: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} (الإسراء: ٥٥).

وقد اتفق المسلمون على ما هو معلوم بالاضطرار من دين الإسلام وهو أنه يجب الإيمان بجميع الأنبياء والمرسلين وبجميع ما أنزله الله من الكتب، فمن كفر بنبي واحد تعلم نبوته مثل إبراهيم، ولوط، وموسى، وداود، وسليمان، ويونس، وعيسى، فهو كافر عند جميع المسلمين حكمه حكم الكفار، وإن كان مرتدًا استتيب فإن تاب وإلا قتل، ومن سب نبيًّا واحدًا من الأنبياء قتل أيضًا باتفاق المسلمين، وما علم المسلمون أن نبيًّا من الأنبياء أخبر به فعليهم التصديق به كما يصدقون بما أخبر به محمد - صلى الله عليه وسلم - وهم يعلمون أن أخبار الأنبياء لا تتناقض ولا تختلف، وما لم يعلموا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر به فهو كما لم يعلموا أن محمدًا أخبر به صلى الله عليهم أجمعين ولكن لا يكذبون إلا بما علموا أنه كذب، كما لا يجوز أن يصدقوا إلا بما علموا أنه صدق، وما لم يعلموا أنه كذب ولا صدق لم يصدقوا به ولم يكذبوا به كما أمرهم نبيهم محمد - صلى الله عليه وسلم - وبهذا أمرهم.

وكان دينه الذي ارتضاه الله لنفسه هو دين الإسلام الذي بعث الله به الأولين والآخرين من الرسل، ولا يقبل من أحد دينًا غيره، لا من الأولين ولا من الآخرين، وهو دين الأنبياء وأتباعهم كما أخبر الله تعالى بذلك عن نوح ومن بعده إلى الحواريين، قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَال لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ (٧١) فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٧٢)}

<<  <  ج: ص:  >  >>