للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يد بخمس مئين من عسجد وديت ... لكنها قطعت في ربع دينار

حماية الدم أغلاها، وأرخصها ... خيانة المال، فانظر حكمة الباري

وروي أن الشافعي -رحمه اللَّه- أجاب بقوله:

هناك مظلومة غالت بقيمتها ... وههنا ظلمت هانت على الباري

وأجاب شمس الدين الكردي بقوله:

قل للمعري عار أيما عار جهل ... الفتى وهو عن ثوب التقى عار

لا تقدحن زناد الشعر عن حكم ... شعائر الشرع لم تقدح بأشعار

فقيمة اليد نصف الألف من ... ذهب فإن تعدت فلا تسوى بدينار

وذكر الحافظ ابن حجر -رحمه اللَّه- ردًا على ذلك فقال: قال المازري ومن تبعه: ولم يجعل دية الجناية على العضو المقطوع منها بقدر ما يقطع فيه حماية لليد، ثم لما خانت هانت، وفي ذلك إشارة إلى الشبهة التي نسبت إلى أبي العلاء العربي في قوله:

يد بخمس مئين عسجد وديت ... ما بالها قطعت في ربع دينار؟

فأجابه القاضي عبد الوهاب المالكي بقوله:

صيانة العضو أغلاها وأرخصها ... صيانة المال فافهم حكمة الباري

وشرح ذلك: أن الدية لو كانت ربع دينار لكثرت الجنايات على الأيدي، ولو كان نصاب القطع خمسمائة دينار لكثرت الجنايات على الأموال، فظهرت الحكمة من الجانبين، وكان ذلك صيانة من الطرفين. (١)

ومنهم من قال: هذا تمام الحكمة والمصلحة وأسرار الشريعة العظيمة، فإنه في باب الجنايات ناسب أن تعظم قيمة اليد بخمسمائة دينار لئلا يجنى عليها، وفي باب السرقة ناسب أن يكون القدر الذي تقطع فيه ربع دينار لئلا يتسارع الناس في سرقة الأموال، فهذا


(١) فتح الباري (١٢/ ١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>