في الماضي كان الذي يرتكب جريمة السرقة يبحث لنفسه عن مكان خالي من البشر يقترف فيه جريمته، أو يرتكبها بعيدًا عن أعين الناس، لكن هذه الأيام الكريمة ترتكب في وضح النهار، والأخطر من ذلك أن هناك أسواقًا للمسروقات في بعض المناطق والأحياء الشعبية وتباع بربع الثمن، تحت أعين وبصر الجميع، في البداية نشير إلى أن معدلات جرائم السرقة تزايدت بصورة ملحوظة في كل مكان في الريف والمدن وفي المناطق الشعبية والأحياء الراقية، وكل منطقه أصبح لها روادها في مجال السرقة، وعلى حسب قول أحد ضباط المباحث الكبار في مديرية أمن القاهرة: نحن لدينا تفاصيل بنوعية جرائم السرقة ونوعية مرتكبيها، فهناك لصوص متخصصون في سرقة الشقق وهؤلاء يسرقون الأجهزة الإلكترونية مثل الكمبيوترات والتليفزيونات والفيديوهات والأموال والتحف وغيرها من محتويات المنازل، وهناك لصوص متخصصون في سرقة السيارات، وآخرون في المحلات والمخازن. . . .، وهذا ليس بجديد على المجتمع، لكن الجديد الآن هو زيادة عدد بلاغات السرقة فقد تضاعفت خلال السنوات الخمس الأخيرة إلى خمسة أضعاف، وهذا يعني ظهور حالة انقلاب في المجتمع وأظن هذه الجرائم بالمقارنة بجرائم القتل والمشكلات الزوجية والخناقات العائلية ونزاعات الشقق والأراضي والمحلات أصبحت تمثل إرهاقًا كبيرًا لكل ضباط الشرطة وطاقة الأقسام، وكذلك النيابات التي أصبحت أمامها قضايا عديدة وكثيرة جدًّا (١).
فالقول بأن السجن ردع لا شك أن هذه الفلسفة التي لا تستند على منطق سليم فلسفة خاطئة، والدليل على ذلك ما نلاقيه يوميًا من حوادث السرقة بكافة أشكالها وألوانها، فزادت الجرائم وكثرت العصابات، وأصبحت السجون ممتلئة بالمجرمين وقطاع الطريق الذين يهددون الأمن والاستقرار، يسرق السارق وهو آمن مطمئن لا يخشى شيئًا اللهم إلا ذلك السجن الذي يطعم ويكسى فيه فيقضي مدة العقوبة التي فرضها عليه القانون الوضعي ثم
(١) الأهرام عدد (١٣١) بتاريخ ١٧/ ٣/ ٢٠٠٧ جزء من المقال.