ج - ولقد درج كثير منهم ممن عهد إليهم بالحفاظ على كتب الله من الكتبة والرؤساء الدينيين على كتمان الحق الذي لا يتفق وأهواءهم مثل نبوة محمد الذي جاء من العرب الأميين وكانت بشارته - ولا تزال بقيتها - في كتبهم: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (١٨٧)} (آل عمران: ١٨٧)، {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٧١)} (آل عمران: ٧١)، {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (١٥) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٦)} (المائدة: ١٥: ١٦).
ونستطيع الآن تقرير ما يمكن استخلاصه من موقف القرآن من الأسفار اليهودية والمسيحية - أي الكتاب المقدس - فنقول: إن هذه الأسفار بها بقية مما أنزله الله، كما أنها فقدت قدرًا من الحقائق عندما ضاع منها حظ من التنزيل الإلهي، وهي تضم بين جنباتها اختلافًا كثيرًا بسبب ما صنعته بها أيدي البشر الذين استحفظوا عليها وقاموا على أمرها، ولقد جمع ذلك سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين - الذي أُوتي بحق جوامع الكلم - في عبارة موجزة فقال:(لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا آمنا بالله وما أنزل الله)(١).