١ - أن الآية على معنى الخبر، أي: أن الزاني لا يزني إلا بزانية لا تستحل الزنا، أو مشركةٍ تستحل الزنا، والزانية لا يزني بها إلا زانٍ أو مشرك. وعلى هذا فمعنى النكاح في الآية: الوطء.
٢ - أن الزاني لا يليق به أن يتزوج إلا زانيةً مثله أو مشركةً، والزانية لا يليق بها أن تتزوج إلا بزانٍ مثلها أو مشركٍ -وهذا على سبيل الزجر والتقبيح، ولا يفهم منه جواز نكاح مسلمٍ أيًّا كان حاله بمشركةٍ، أو مسلمةٍ أيًّا كان حالها بمشركٍ.
وقد رجح أبو جعفر الطبري قول من عني بالنكاح الوطء فقال: وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب، قول من قال: عنى بالنكاح في هذا الموضع الوطء، وأن الآية نزلت في البغايا المشركات ذوات الرايات، وذلك لقيام الحجة على أن الزانية من المسلمات حرام على كل مشرك، وأن الزاني من المسلمين حرام عليه كل مشركة من عبدة الأوثان، فمعلوم إذ كان ذلك كذلك، أنه لم يُعْن بالآية أن الزاني من المؤمنين لا يعقد عقد نكاح على عفيفة من المسلمات، ولا ينكح إلا بزانية أو مشركة، وإذ كان ذلك كذلك، فبين أن معنى الآية: الزاني لا يزني إلا بزانية لا تستحلّ الزنا أو بمشركة تستحله. (١)
وارتضاه أيضًا ابن كثير فبين أن هذا خَبَر من اللَّه تعالى بأن الزاني لا يَطأ إلا زانية أو مشركة. أي: ولا يطاوعه على مراده من الزنا إلا زانية عاصية أو مشركة، لا ترى حرمة ذلك، وكذلك:{وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ} أي: عاص بزناه، {أَوْ مُشْرِكٌ} لا يعتقد تحريمه.