للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمران: ٨٥)، وقال في هذه الآية مخبرًا بانحصار الدين المتقبل عنده في الإِسلام {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (١).

قال البغوي: قال قتادة في قوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} قال: شهادة أن لا إله إلا اللَّه، والإقرار بما جاء من عند اللَّه تعالى، وهو دين اللَّه الذي شرع لنفسه، وبعث به رسله، ودل عليه أولياءه، فلا يقبل غيره، ولا يجزى إلا به. (٢)

وقال ابن القيم: يعني الذي جاء به محمد، وهو دين الأنبياء من أولهم إلى آخرهم ليس للَّه دين سواه {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٨٥)} (آل عمران: ٨٥). وقد دل قوله {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} على أنه دين أنبيائه ورسله وأتباعهم من أولهم إلى آخرهم، وأنه لم يكن للَّه قط ولا يكون له دين سواه؛ قال أول الرسل {فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (يونس: ٧٢)، وقال إبراهيم وإسماعيل {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً} (البقرة: ١٢٨)، {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (البقرة: ١٣٢) وقال يعقوب لبنيه عند الموت {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (البقرة: ١٣٣)، وقال موسى لقومه {إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ} (يونس: ٨٤)، وقال تعالى {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (آل عمران: ٥٢)، وقالت ملكة سبأ {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (النمل: ٤٤).


(١) تفسير ابن كثير (٢/ ٣٠) ط. دار الراية - آية (١٩) آل عمران.
(٢) تفسير البغوي (١/ ٢٨٦) نفس الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>