للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ في قَوْلِهِ -عزَّ وجلَّ- {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ} قَالَ: ابْتَلَاهُ اللَّه -عزَّ وجلَّ- بِالطَّهَارِةِ خَمْسٌ فِي الرَّأْسِ، وَخَمْسٌ فِي الْجَسَدِ، فِي الرَّأْسِ: قَصُّ الشَّارِبِ وَالْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ وَالسِّوَاكُ وَفَرْقُ الرَّأْسِ،

وَفِي الْجَسَدِ: تَقْلِيمُ الأَظْفَارِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَالْخِتَانُ وَنَتْفُ الإِبْطِ وَغَسْلُ مَكَانِ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ بِالْمَاءِ (١).

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي اللَّه عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَ ثَمَانِينَ سَنَةً، وَاخْتَتَنَ بِالْقَدُومِ". (٢)

قال ابن عاشور: ولأن دين إبراهيم هو أصل الحنيفية وانتشر بين العرب بدعوة إسماعيل إليه فهو أشهر الأديان بين العرب وكانوا على أثارة منه في الحج والختان والقرى والفتوة. ودين موسى هو أوسع الأديان السابقة في تشريع الأحكام وأما دين عيسى فلأنه الدين الذي سبق دين الإِسلام ولم يكن بينهما دين آخر وليتضمن التهيئة إلى دعوة اليهود والنصارى إلى دين الإِسلام. (٣)

قال تعالى: {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً} (البقرة: ١٣٨)

قال القرطبي: في قوله {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً}:

وروي عن مجاهد، والحسن، وأبي العالية، وقتادة: الصبغة الدين، وأصل ذلك أن النصارى كانوا يصبغون أولادهم في الماء، وهو الذي يسمونه المعمودية ويقولون: هذا تطهير لهم. وقال ابن عباس: هو أن النصارى كانوا إذا ولد لهم ولد فأتى عليه سبعة أيام غمسوه في ماء لهم يقال له ماء المعمودية، فصبغوه بذلك ليطهروا به مكان الختان، لأن الختان تطهير فإذا


(١) صحيح. أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (البقرة: ١٢٤)، ومن طريقه الطبري في تفسيره (البقرة: ١٢٤)، والحاكم في المستدرك ٢/ ٢٩٣، والبيهقي في سننه ١/ ١٤٩. من طريق معمر، عن عبد اللَّه بن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس به.
(٢) البخاري (٦٢٩٨)، ومسلم (٢٣٧٠).
(٣) التحرير والتنوير (الشورى: ١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>