إذا أردت أن تستمعي إلى موسيقي عالية بعد منتصف الليل، فهل تستطيعين أن تستمعي إلى الراديو في أعلى صوت؟ أو إذا أردت أن تصلحي شيئًا في منزلك والناس نيام فهل تستطيعين إحضار النجار أو النقاش ليفعل ما يشاء؟ . .
هل تستطيعين أن تتركي سيارتك وسط الطريق، أو في مكان ممنوع فيه الانتظار، لأنك حرة، ومن حريتك أن تضعي سيارتك في المكان الذي تريدينه؟ بل هل تستطيعين أن تتجاوزي بسيارتك السرعة المسموح بها، وهل تستطيعين أن ترتكبي فعلًا فاضحًا أمام الناس؛ لأن ذلك من حريتك؟ . .
وأستطيع أن أمضى إلى ألوف الأمثلة؛ لأنه لا يوجد شيء اسمه الحرية المطلقة في أي مجتمع، ولكنها حرية نسبية، تعطيك من التصرف الذي تريدينه ما ليس فيه اعتداء على حرية الآخرين، فإذا حدث اعتداء على هذه الحرية، فإن المجتمع يتدخل؛ ليوقفك عند حدك قائلًا: هذا ليس من حريتك؛ لأنك اعتديت على حرية الآخرين.
الطريق الوحيد لكي تتمتعي بالحرية المطلقة، هو أن تذهبي إلى مكان لا يعيش فيه أحد، مكان تعيشين فيه وحدك دون أن يكون فيه آخرون، حينئذ تستطيعين أن تتمتعي بحريتك كما تشائين، في دام لا يوجد أحد حولك، ولا أحد من الناس يراك، إنك تستطيعين أن تفعلي ما تشائين.
هذا بعيد عن منطق الدين، وبعيد عن منهج السماء، فإذا كان هذا هو منطق الحياة في الكون. فكيف تريدين من منهج اللَّه أن يخلق مجتمعًا من الفوضى الذي يضيع فيه كل شيء؟ .