وهؤلاء الذين ذكرهم اللَّه تبارك وتعالى في هذه الآية الكريمة، هم من محارم المرأة التي لا تحرص على إبداء زينتها أمامهم. . وحتى إذا فعلت. . فإن هذه الزينة لا تثير في نفوسهم أية شهوة. . إما لأنهم لم يبلغوا السن التي يحسون فيها بالشهوة، وإما أنهم تعدوا هذه المرحلة تمامًا، بل إن اللَّه سبحانه وتعالى حرَّم على النساء أن يضربن بأرجلهن كنوعٍ من التحايل؛ لإظهار الزينة التي أخفتها الثياب، وذلك بتعمد اهتزاز الجسم؛ لتظهر مفاتنه، وقال الحقُّ جلَّ جلاله {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٣١)} (النور: ٣١).
كل هذا قد يفهمه البعض على أنه تقييد لحرية المرأة، ولكنه في الحقيقة حماية لها.
لو أن اللَّه سبحانه وتعالى لم يفرض الحجاب، لكان على المرأة أن تطالب به؛ لأنه أكبر تأمين لها ولحياتها، ذلك أن نضارة المرأة موقوتة، وفترة جمالها -لو حسبناها- فلن تزيد على خمسة عشر عامًا، ثم بعد ذلك تبدأ في الذبول. هب أن امرأة بدأت في الذبول، وزوجها ما زال محتفظًا بنضارته قادرًا على الزواج، وخرج إلى الشارع، ووجد فتاة في مقتبل العمر، وفي أتم نضارتها، وقد كشفت عن زينتها، ماذا سيحدث؟
إما أن يفتن بهذه الفتاه، ويترك زوجته ويتزوجها، وإما أنه عندما يعود إلى المنزل يلحظ الفرق الكبير بين امرأته، وبين هذه الفتاه، فيزهد في زوجته، ويبدأ في الانصراف عنها.
لكن لو حجبت النساء مفاتنهن عن الرجال. . لصارت كل منهن آمنة من فقدان زوجها، ومن تغير نفسه من ناحية زوجته. . ولظلت محتفظة بحبه لها وإقباله عليها. . لماذا؟ لأن الجمال نمو. . والنمو في المخلوقات والنبات والحيوان والإنسان لا يدركه المتتبع له. . ولذلك تجد الرجل وله ولد ينظر إليه كل يوم. . فلا يمكن أن يلحظ أنه يكبر. .