عندما زار وفد المغتربين العرب سورية جرت محادثة صحفية بين أحد الصحفيين في دمشق، وإحدى المغتربات حول المرأة، فكان مما قالته المغتربة عن الحياة في الغرب، وعن المرأة فيها، بعد أن تنهدت ألمًا وحرقة:
ليت رحلتنا تدوم، أو ليت البقاء يكتب لي هنا، وأشارت بيدها إلى البعيد وتابعت:
هناك. . حيث، بعيدًا، بعيدًا. . حركة وضجيج، ومادة، وسرعة، وتعايش غير إنساني، كل إنسان يريد أن يفهم الدنيا كسبًا، وأن ينتهبها لذة، وأن يسيطر عليها نفوذًا، وما أصعب الحياة الصاخبة، وما أحلى أن يعيش الإنسان في حدود إنسانيته، يفعل ما يرى أنه بحاجة إليه نابعًا من ذاته، ويعمل ما يريد؛ لأن المجتمع أراد، ويتحمس لما لا يحسن؛ لأن المجموعة متحمسة، ويخالف ضميره ومزاجه ومبادئه في كثير من الأحيان، لأن سنة السرعة والحركة تفرض عليه هذا، ولا يستطيع الهرب أو الانطلاق من السلسة التي تطوقه.
ثم تابعت حديثها بلغة عربية غير سليمة، ولكنها مفهومة تجيب على سؤال الصحفي حين سألها عن المرأة. وهل هي متزوجة؛ فأجابت: لم أتزوج بعد، لأنني لم أجد الزوج الذي يقدس المرأة ويميزها، ويقدمها على نفسه ويعرف قدرها كالزوج العربي، هناك يعامل الزوج زوجته على قدم المساواة مع أي جار أو صديق! إنها شيء في حياته يجوز الاستغناء عنه، وفي أحسن الحالات يجوز أن يتساوى معه، أما هنا فالزوجة والمرأة بشكل عام، مفضلة، مدللة، محترمة المكانة يسعى الرجل لإسعادها قبل أن يسعد نفسه، وعندما قال الصحفي الدمشقي للمغتربة: إن النساء هنا لا يرضين عن هذه المعاملة، إنهن يطالبن بالمساواة مع الرجل. . ضحكت المغتربة ساخرة، وقالت: لو ذهبن إلى أمريكا وأذعن ما يطالبن به هنا لضحكت كل النساء الأميركيات من هذه المطالب. . إن المرأة الأمريكية تحسد المرأة العربية، وتتمنى حياة زوجية كحياتها.