الصورة الثانية: صورة هذه المرأة وهي مريضة، وقد حوّلها طبيبها الخاص إلى قسم الطوارئ في مستشفى الأمراض النفسية الذي كنت أعمل به.
وقد شاهدت بعيني مشهدًا يختلف تمامًا عن المشهد الذي يراه الناس على شاشة التلفاز أو في قاعة المحكمة: شاهدت امرأة ضعيفة منهارة محطمة تشعر أنها تعيش وحدها في هذه الدنيا، ليس لها ابن ولا زوج ولا أخ ولا والد. . أما النساء فيعرفنها محامية قوية تدافع عن حقوقهن، ولا حاجة لهن بها إذا كانت مريضة في المستشفى، أو مقعدة في بيتها، أو في مأوى العجزة. . كنت أعرف مشكلتها قبل أن أسألها، ومع ذلك سألتها حيث لا بد من سؤال المريض والاهتمام بكل ما يقوله. . قلت لها: ما مرضك وبماذا تشعرين؟ فأجابت: أريد رجلًا يشاركني الحياة ويقول لي: لا! ! . . لقد مللت الحياة التي عشتها، والعمل الذي اخترته.
هذا مرضها أنقله بأمانة ودقة. . وقد قصت بواجبي وأعطيتها العلاج اللازم للمصاب بحالة الاكتئاب، ولكنني أشعر بأنها لن تشفى من هذا المرض؛ لأنها لن تجد رجلًا عاقلًا يغامر بحياته وعقله ويتزوجها، وإذا وجدت فسوف يكون من أشباه الرجال ولن يقول لها: لا! ! ومثل هذا الرجل لا يحل مشكلتها، ومن جهة ثانية، فلو شفيت من مرضها وعادت إلى عملها السابق، فسوف تعيد سيرتها الأولى؛ لأن أمثالها يبحثن عن الشهرة، والطبع عندهن يغلب التطبع. . فهي تريد أن يتحدث الناس عنها مهما كانت النتائج.
أرأيتم المرأة عندما تصطدم مع الفطرة التي فطر اللَّه الناس عليها؟ ! .
وهناك رد آخر هو أن الأسرة وهي الوحدة الأساسية في بناء المجتمع، وهي في الوقت نفسه مكونة من أكثر من فرد، وعملها الذي تقوم به في دعم المجتمع وقيمه وآدابه يقوم بها