للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالطفل في سنواته الأولى في حاجة ماسة وضرورية إلى الأب والأم، أو أحدهما على الأقل؛ ليشعر بالأمن، والطمأنينة، والحب، تلك الأرضية الصلبة والوحيدة لتشكيل أنماط سلوكه وتفاعلاته ونشاطاته مع المحيط بشكل سوي سليم، وكل ما عدا هذه القاعدة من الأمن تبع له والأمن المقصود هنا يشكله الحب والحنان والاهتمام الذي يقدمه الأبوان أو أحدهما أو الكفل لهذا الطفل الذي يقع في حيز مسئوليتهم.

إن خروج الأم من البيت إلى العمل، وترك الأسرة للخادمة أو لحياة الفوضى والعشوائية يقضي على الأمن الذي ينشده أفراد الأسرة كبيرهم وصغيرهم والأطفال بالدرجة الأولى، إن المرأةَ خلقت؛ لتكون سكنًا وأمنًا وطمأنينة لأسرتها ومن يحيط بها من ذويها، وأي إعراض أو تنكر لهذا من المرأة يكون إعراضًا عن منهج اللَّه سبحانه وتعالى؛ لأن مثل تلك الفلسفات التي تجعل من المرأة رجلًا يصارع الحياة، تحمل الخراب والدمار للإنسانية، قال اللَّه تعالى: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (٢٠٥)} (البقرة: ٢٠٥).

لقد أظهرت الدراسات فروقًا واضحة بين أبناء العاملات وغير العاملات، إذ وجد أن الميول العدوانية والجناحية موجودة بنسبة أكبر بين أبناء العاملات، وهي بنسبة أقل بين أبناء العاملات لوقت قصير، وبنسبة أقل بين أبناء غير العاملات على الإطلاق.

وقد حدد علماء النفس العوامل الضارة في تشكيل نفسية الطفل بسبب الأم، يقول (ستيفاني): إن اشتغال الأم خارج المنزل، أو ولادة طفل جديد يستحوذ على اهتمامها ووقتها، والتغير في المحيط والبيئة للطفل بما في ذلك الأشخاص، كلها تشكل عوامل اضطرابات في التكيف الطبيعي للطفل.

وتبدو هذه الظاهرة في عمل الأم أكثر وضوحًا حين يكون رب الأسرة -الأب- مفقودًا فيها بوفاة أو طلاق أو سفر؛ ذلك أن الأم هنا سوف تقوم بدور الأب لتترك البيت فترات طويلة مما يعد عاملًا من عوامل انحراف الطفولة ويظهر هذا في أحياء الطبقات

<<  <  ج: ص:  >  >>