تلك الأحوال يكون رئيسها المباشر رجلًا تعمل من أجله ولحسابه، وله سلطة عليها، ويملك أن يرفع أجرها أو يخفضه، ويمكن أن يرقيها في وظيفتها أو يطردها منها، وعليها أن ترضيه؛ لتبقى في وظيفتها، ولتترقى فيها، وليزداد أجرها، ومن ضمن تلك الترضية السكوت على اعتداءاته الجنسية أو موافقته عليها.
وتقول الأستاذة جاكلين بولس من جامعة جورجيا: ليس الدافع إلى هذه المضايقات هو الرغبة الجنسية الجامحة لدى الرجل، فإنه يستطيع بكل سهولة ويسر قضاءها كيفما أراد، ولكنها الرغبة العارمة في إظهار القوة. نعم، إن هذه المضايقات الجنسية تشبه إلى حد كبير حالات الاغتصاب التي انتشرت في الولايات المتحدة انتشارًا ذريعًا، والتي ليس دافعها الرغبة الجنسية؛ إذ الجنس متوفر لمن أراد وبدون أي كلفة، ولكن دافعها الحقيقي هو حب السيطرة وإظهار القوة.
وتقول كيرين سويفيجن رئيسة معهد النساء العاملات في نيويورك: إن المضايقات الجنسية لا تقتصر على الاعتداء الجسدي بل إن الكلام البذيء والنكت الفاضحة تشكل نوعًا من الاعتداء على المرأة الحساسة، وليس كل النساء يستطعن تحمل هذا الكلام البذيء والنكت الفاضحة، فكم من واحدة أصيبت بالأمراض الجسدية مثل الصداع والقيء وعدم النوم وفقدان الشهية؛ نتيجة لهذا الوضع السيئ التي تضطر فيه المرأة العاملة إلى سماع هذه الاعتداءات الجنسية الكلامية؟ !
وكم من واحدة اضطرت إلى أخذ الحبوب المهدئة، لتستطيع الذهاب إلى العمل كل صباح وسماع تلك الأسطوانة الممجوجة من الغزل البذيء؟ ! .
ولقد اضطرت بعض النساء الحساسات إلى ترك أعمالهن بسبب هذا الاعتداء الكلامي، وقالت أحد السكرتيرات اللائي اضطررن للاستقالة من وظيفتها في أتلانتا بالولايات المتحدة؛ نتيجة لهذه البذاءة الكلامية: إنهم يعرونك من كرامتك.