للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تتحملوا نفقات المرأة من بنت أو زوجة أو أم، فأجبرتموها على العمل؛ لتعيل نفسها بنفسها، فاضطرت لمغادرة البيت، ومن هنا تفككت الأسرة عندكم.

قال: وأنتم ماذا تفعلون في مثل هذه المشكلة؟

قلت: إن نظام النفقات في الإسلام يجبر الأب على الإنفاق على بنته حتى تتزوج، فإذا تزوجت كانت نفقتها ونفقة أولادها على الزوج وحده، فإذا مات زوجها ولم يكن لها مال ولا ولد، فنفقتها على والدها وهكذا، إنها لا تجد نفسها في فترة من فترات حياتها في الغالب محتاجة إلى أن تدخل المعمل لتأكل وتعيش.

وهنا قال صاحبي متعجبًا: نحن الغربيين لا نستطيع أن نتحمل مثل هذه التضحيات! وأذكر أننا حين كنا على ظهر الباخرة من ميناء (دوفر) بإنجلترا إلى ميناء (أوستن) في بلجيكا في تلك الرحلة العلمية، التقينا بفتاة إيطالية تدرس الحقوق في جامعة (أكسفورد) وتحدثنا عن المرأة المسلمة، وكيف تعيش وما هي حقوقها في الإسلام، وكيف وفر الإسلام لها كل مظاهر الاحترام حين أعفاها من مؤنة العمل لتعيش، بل جعلها تتفرغ لأداء رسالتها كزوجة وأم وربة بيت، وبعد أن أفضنا في هذا الحديث وقارنا بين حال المرأة في الإسلام وبين حالها في الحضارة الغربية، قالت الفتاة بكل بساطة ووضوح: إنني أغبط المرأة المسلمة وأتمنى أن لو كنت مولودة في بلادكم؟ وهنا اغتنمت هذه الفرصة فقلت لها، هل ستحاولين أن تطلبي إلى المرأة الغربية العودة إلى البيت وأن يقوم الرجل بواجبه نحوها؟

قالت: هيهات! لقد فات الأوان! إن المرأة الغربية بعد أن اعتادت حرية الخروج من البيت وغشيان المجتمعات، يصعب عليها جدًّا أن تعتاد حياة البيت بعد هذا، ولو أني أعتقد في ذلك سعادة لا توازيها سعادة. (١)

* * *


(١) وقفات حول معاناة الأيدي العاملة الناعمة صـ ١٦٠: ١٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>