ويتسائل بعضهم الذين يتجاهلون الشواهد والأدلة الدالة على تحريف كتابهم المقدس قائلين: عندما يعطى الله الإنسان كتابا من عنده، فهل تظن أنه لا يستطيع المحافظة عليه من عبث البشر؟
نقول لهؤلاء الذين يتجاهلون الأدلة والشواهد الدالة على تحريف كتابهم المقدس: نعم، إن الله قادر على أن يحفظ كلمته ولكنه سبحانه وتعالى اختار أن يوكل حفظ كلمته إلى علماء وأحبار اليهود، ولم يتكفل هو بحفظها فقد ترك حفظ كلمته بيدهم فكان حفظ الكتاب أمرًا تكليفيًا، وحيث إنه أمرٌ تكليفيٌ فهو قابلٌ للطاعة والعصيان من قبل المكلفين، فالرب استحفظهم على كتابه ولم يتكفل هو بحفظه، وإليكم الأدلة من كتابكم المقدس على هذا:
جاء في سفر التثنية (٤: ٢) قول الرب: وَالآنَ أَصْغُوا يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى الشَّرَائِعِ وَالأَحْكَامِ الَّتِي أُعَلِّمُهَا لَكُمْ لِتَعْمَلُوا بِهَا، فَتَحْيَوْا وَتَدْخُلُوا لِامْتِلَاكِ الأَرْضِ الَّتِي يُوَرِّثُهَا لَكُمُ الرَّبُّ إِلَهُكُمْ لَا تزيدوا عَلَى الكلام الذي أنا أوصيكم به، وَلَا تُنَقِّصُوا مِنهُ، لتحفظوا وصايا الرب إلهكم التي أنا أوصيكم بها.
وجاء في سفر الأمثال (٣٠: ٥ - ٦): كل كلمة من الله نقية. ترس هو للمحتمين به. لا تزد على كلماته لئلا يوبخك فتكذّب.
وقد جاء في سفر الرؤيا (٢٢: ١٨) قول الكاتب: وَإِنَّنِي أَشْهَدُ لِكُلِّ مَنْ يَسْمَعُ مَا جَاءَ فِي كِتَابِ النُّبُوءَةِ هَذَا: إِنْ زَادَ أَحَدٌ شيئًا عَلَى مَا كُتِبَ فِيهِ، يَزِيدُ الله عليه الضربات، وَإِنْ حذف أَحَدٌ شيئًا مِنْ أَقْوَالِ كِتَابِ النُّبُوءَةِ هَذَا، يُسْقِطُ الله نَصِيبَهُ مِنْ شَجَرَةِ الحيَاةِ.
إن هذا النص تعبير واضح من الكاتب بأن الله لم يتكفل بحفظ هذا الكتاب؛ لأنه جعل عقوبة من زاد شيئًا كذا ... وعقوبة من حذف شيئًا كذا ... فهذا دليل واضح بأن الله لم يتكفل بحفظ الكتاب.
وفي هذا يقول الله سبحانه وتعالى عن التوراة التي كانت شريعة موسى - عليه السلام -، وشريعة الأنبياء من بعده حتى عيسى - عليه السلام -: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا