للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عَنْ غُسْلِهَا مِنَ الْمَحِيضِ، فَأَمَرَهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ قَالَ: "خذي فِرْصَةً مِنْ مِسْكٍ فَتَطَهَّرِي بِهَا" (١). قَالَتْ: كَيْفَ أَتَطَهَّرُ؟ قَالَ: "تَطَهَّرِي بِهَا". قَالَتْ: كَيْفَ؟ قَالَ: "سُبْحَانَ اللَّه تَطَهَّرِي". فَاجْتَبَذْتها إِلَيَّ فَقُلْتُ: تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ. (٢)

فكان صلوات اللَّه عليه يستحي من مثل هذا التصريح، وهكذا كان القليل من النساء من تستطيع التغلب على نفسها وعلى حيائها فتجاهر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالسؤال عما يقع لها. ومن ذلك حديث أم سلمة -رضي اللَّه عنها-، قالت: جاءت أم سليم إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالت له "يا رسول اللَّه: إن اللَّه لا يستحي من الحق فهل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت، فقال لها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: نعم إذا رأت الماء، فقالت أم سلمة لقد فضحت النساء، ويحك أو تحتلم المرأة، فأجابها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوله: إذًا فبما يشبهها ولدها؟ " (٣)

مراده -صلى اللَّه عليه وسلم- أن الجنين يولد من ماء الرجل وماء المرأة؟ ولهذا يأتي له شبه بأمه، وهكذا مثل هذه الأسئلة المحرجة كان يتولى الجواب عنها فيما بعد زوجاته الطاهرات.

ولهذا تقول السيدة عائشة -رضي اللَّه عنها-: "نعم النساء نساء الأنصار، لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين" (٤).

وكانت المرأة تأتي السيدة عائشة في الظلام لتسألها عن بعض أمور الدين وعن أحكام الحيض والنفاس والجنابة وغيرها من الأحكام، فكان نساء الرسول خير معلمات وموجهات لهن وعن طريقهن تفقه النساء في دين اللَّه.

ثم إنه من المعلوم أن سنة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ليست قاصرة على قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فحسب، بل هي تشمل قوله وفعله وتقريره؛ وكل هذا من التشريع الذي يجب على الأمة اتباعه، فمن ينقل


(١) قطعة من القطن بها أثر طيب.
(٢) البخاري (٣١٤)، ومسلم (٣٣٢).
(٣) البخاري (١٣٠)، ومسلم (٣١٣).
(٤) ذكره البخاري معلقًا في كتاب العلم، باب: الحياء في العلم، ومسلم (٣٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>