للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٣٢)} (النور: ٣٢)، أمر بالنكاح والدعوة إليه لتحصن الفروج وتغض الأبصار ولتسكن النفوس، فالزواج هو السبيل الأول للعفة دون غيره، ومن لم يستطع فماذا يصنع؟ أيقع في الفاحشة والشذوذ؟ لا، بل يأتي الأمر الثاني بالعفة والتنزيه {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}. (١)

قال ابن كثير: هذا أمر اللَّه تعالى لمن لا يجد تزويجًا بالتعفف عن الحرام كما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء". (٢)

الآية الثالثة: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٥)} (النساء: ٢٥).

يقول ابن كثير عن هذه الآية: أي: ومن لم يجد طولًا أي سعة وقدرة أن ينكح المحصنات المؤمنات الحرائر العفائف فما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات، أي: فتزوجوا من الإماء المؤمنات اللاتي يملكهن المؤمنون. . .، ثم قال بعد ذلك: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} أي: إنما يباح نكاح الإماء بالشروط المتقدمة لمن خاف على نفسه الوقوع في الزنا، وشق عليه الصبر عن الجماع، وعنت بسبب ذلك كله، فحينئذ يتزوج الأمة، وإن ترك تزوج الأمة وجاهد نفسه في الكف عن الزنا، فهو خير له؛ لأنه إذا تزوجها


(١) الجاهلية الجنسية "بحث شامل في الشذوذ الجنسي طبيًا ودينًا" حسن السيد زهرة.
(٢) تفسير ابن كثير، والبغوي، والآلوسي، والقرطبي حول هذه الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>