للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعالجة لقطع شهوة النكاح بالأدوية، وحكاه البغوي في "شرح السنة"، وينبغي أن يحمل على دواء يسكن الشهوة دون ما يقطعها أصالة لأنه قد يقدر بعد فيندم لفوات ذلك في حقه، وقد صرح الشافعية بأن لا يكسرها بالكافور ونحوه، والحجة في أنهم اتفقوا على منع الجب والخصاء فيلحق بذلك ما في معناه من التداوي بالقطع أصلًا، واستدل به الخطابي أيضًا على أن المقصود من النكاح الوطء ولهذا شرع الخيار في العنة. وفي الحث على غض البصر وتحصين الفرج بكل ممكن وعدم التكليف بغير المستطاع، ويؤخذ منه أن حظوظ النفوس والشهوات لا تتقدم على أحكام الشرع بل هي دائرة معها، واستدل به بعض المالكية على تحريم الاستمناء لأنه أرشد عند العجز عن التزويج إلى الصوم الذي يقطع الشهوة، فلو كان الاستمناء مباحًا لكان الإرشاد إليه أسهل. وتعقب دعوى كونه أسهل لأن الترك أسهل من الفعل. (١)

فهذا حث نبوي وإرشاد سنة من المعصوم -صلى اللَّه عليه وسلم- للشباب من قدر وقوي على تكاليف الزواج ومؤنه "فليتزوج" فليتحصن بالحصن القوي الذي يتمم له العفة ويكمل له طهارته فهذا هو الحل الأول وهذا الطريق الأمثل لمن أراد العفة، ومن لم يقدر على الزواج ومؤنه ماذا يفعل أينساق وراء الشهوات؟ أيقع في الفاحشة والفجور؟ كلا، وإنما أرشد فقال ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء "أي وقاية" أي حصنًا ثانيًا فإن لم يستطع التحصن بالأول وهو الزواج فعليه بالثاني وهو الصوم ولم يوضح لنا -صلى اللَّه عليه وسلم- طرقًا غير هذا. وفي ذلك الكفاية والحصن بإذن اللَّه لمن أراد. (٢)

٢ - عن سعد بن أبي وقاص -رضي اللَّه عنه- قال: "رد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على عثمان بن مظعون التبتل ولو أذن له لاختصينا". (٣)


(١) فتح الباري (٩/ ١٤).
(٢) بهذا المعنى من الجاهلية الجنسية لأبي عبد الرحمن حسن السيد زهرة صـ (٤٧).
(٣) رواه البخاري (٥٠٧٣)، (٥٠٧٤)، ومسلم (١٤٠٢)، والتبتل هنا كما قال ابن حجر: الانقطاع عن النكاح وما يتبعه من الملاذ إلى العبادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>