للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبان بهذا أن منهم من أورده وبين ضعفه، ومنهم من أورده وبين أنه لا يدل على تبادل الزوجات ولا أراد ذلك عيينة. ومما يؤكد هذا الوجه ويدل عليه ما ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب فقال: فذكر سُنَيْدٌ حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم قال: جاء عيينة بن الحصن إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وعنده عائشة فقال: من هذه وذلك قبل أن ينزل الحجاب قال: "هذه عائشة"، قال: أفلا أنزل لك عن أم البنين فتنكحها فغضبت عائشة وقالت: من هذا؟ فقال: رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "هذا أحمق مطاع" يعني في قومه. (١)

فانظر قوله: (أفلا أنزل لك عن أم البنين فتنكحها) وهذا واضح في أنه يعرض عليه أن يطلق زوجته حتى تستوفي عدتها ثم يتزوجها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولا ذكر فيه البتة لتبادل الزوجات الذي يدعيه صاحب الشبهة.

وهذا إسناد معلق ومرسل، ورواه الطبراني بنحوه موصولًا في الكبير، فقال: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بن سَعِيدٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن مُطِيعٍ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بن عَبْدِ الْمَلِكِ بن أَبِي غَنِيَّةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرٍ، أَنَّ عُيَيْنَةَ بن حِصْنٍ دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وَعِنْدَهُ عَائِشَةُ، فَقَالَ: "مَنْ هَذِهِ الْجَالِسَةُ إِلَى جَانِبِكَ؟ قَالَ: (عَائِشَةُ)، قَالَ: أَفَلا أَنْزَلُ لَكَ عَنْ خَيْرٍ مِنْهَا؟ يَعْنِي امْرَأَتَهُ، فَقَالَ النَّبِيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: (لا)، قَالَ لَهُ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: (اخْرُجْ فَاسْتَأْذِنْ)، قَالَ: إِنَّهَا يَمِينٌ عَلَيَّ أَنْ لا أَسْتَأْذِنَ عَلَى مُضَرِيٍّ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ -رَحِمَهَا اللَّه-: مَنْ هَذَا؟ قَالَ (هَذَا أَحْمَقُ مُتَّبَعٌ) " (٢).

وبنحوه أخرجه أبو زيد بن شبة في تاريخ المدينة عن إسماعيل عن قيس عن جرير (٣).

وأخرجه ابن سعد من طريق الواقدي عن عائشة في الجزء المتمم للطبقات (٤).


(١) الاستيعاب: ترجمة عيينة بن حصن.
(٢) المعجم الكبير (٢٢٦٩)، وفيه سعيد بن بشير؛ قال الدارقطني: تفرد بأحاديث لم يتابع عليها، وقال الشوكاني: مجروح وأكثر أهل العلم على أنه حافظ.
(٣) ويحيى بن محمد بن مطيع الشيباني روى عنه أبو زرعة، ومحمد بن عبد اللَّه الحضرمي، والحسين بن إسحق التستري -عند الطبراني في الكبير- ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، وعلي بن سعيد بن بشير. وقال عنه الهيثمي: ثقة؛ الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٩/ ١٨٦)، والثقات لابن حبان، ومجمع الزوائد (٧/ ٣٥٧)، (٨/ ٨٩).
(٤) الواقدي: هو محمد بن عمر بن واقد الأسلمي المدني القاضي نزيل بغداد، متروك الحديث مع سعة علمه، من التاسعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>