عليها بما لاح لها من مخايل ذلك وأماراته؛ بأن منعها نفسه، ونفقته، والمودة، والرحمة التي تكون بين الرجل والمرأة، أو آذاها بسب، أو ضرب، أو نحو ذلك، أو إعراضًا عنها بأن قلل من محادثتها ومؤانستها لبعض أسباب من طعن في سن أو دمامة أو شيء في الأخلاق أو الخلق، أو ملال، لها أو طموح إلى غيرها، أو غير ذلك.
فالجواب: عليها أن تتثبت فيما تراه من علامات الإعراض فربما كان الذي شغله عن مسامرتها والرغبة عن مباعلتها مسائل من مشاكل الحياة الدينية أو الدنيوية، وهي أسباب خارجية لا دخل له فيها ولا تعلق لها بكرامتها والجفوة عنها، وحينئذ عليها أن تعذره وتصبر على ما لا تحب من ذلك. أما إذا استبان لها أن ذلك لكراهته إياها ورغبة عنها {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا} أي فلا بأس بهما أن يصلحا بينهما صلحًا كأن تسمح له ببعض حقها عليه في النفقة أو المبيت معها أو بحقها كله فيهما أو في أحدهما لتبقى في عصمته مكرمة، أو تسمح له ببعض المهر ومتعة الطلاق أو بكل ذلك ليطلقها كما جاء في قوله تعالى {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}"وإنما يحل له ذلك إذا كان برضاها لاعتقادها أن في ذلك الخير لها بلا ظلم لها ولا إهانة.
وقد روي أن امرأة أراد زوجها أن يطلقها لرغبته عنها، وكانت لها منه ولدٌ فقالت له:
لا تطلقني، ودعني أقوم على ولدي، وتقسم لي في كل شهرين، فقال: إن كان هذا يصلح فهو أحب إليّ، فأقرها على ما طلبت. "والصلح خير" من التسرع والفراق لأن رابطة الزوجية من أعظم الروابط وأحقها بالحفظ، وميثاقها من أغلظ المواثيق وعروض الخلاف بين الزوجين وما يترتب عليه من نشوز وإعراض وسوء معاشرة من الأمور الطبيعية التي لا يمكن زوالها من البشر، وأجمل في الإسلام لمنعه هو المساواة بينهما في كل شيء إلا القيام برياسة الأسرة لأنه أقوى من المرأة بدنًا وعقلًا، وأقدر على الكسب، وعليه النفقة كما جاء في قوله:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}(البقرة: ٢٢٨)، فيجب على الرجل أن