للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتطلب منه أن تفدي نفسها بالمال وهو الخلع، فيرفض كذلك، وترى أن الضرر الواقع عليها لا يُحتمل دنيًا ودينًا، فترفع أمرها إلى القاضي، فإذا ثبت الضرر طلق القاضي:

والسؤال: أين الظلم والاستهانة بالمرأة في مثل هذه الصورة؟ !

ومن خلال هذا ترى أن كل امرأة تستطيع شأنها شأن الرجل أن تنهي عقد الزواج؛ دون تعلل بأن المرأة التي تخلع نفسها تفقد حقوقها؛ على اعتبار أن الرجل الذي يطلق زوجته يفقد ما أنفقه عليها، كما يدفع كل التزاماته نحوها، بل ويفقدها هي نفسها، وعليها إذا شاءت إنهاء الزواج أن تتحمل نفس الأعباء التي يتحملها الرجل، أو مثلها على الأقل (١) وجوز الشرع الخلع دفعًا للضرر عن المرأة، والفقه أن الفداء إنما جعل للمرأة في مقابلة ما بيد الرجل من الطلاق فإنه لما جعل الطلاق بيد الرجل إذا كره المرأة جعل الخلع بيد المرأة إذا كرهت الرجل. (٢)

وقد حدث في صدر الإسلام فيما رواه ابن عباس: أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالت: ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- "أتردين عليه حديقته؟ "، قالت نعم، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- "اقبل الحديقة وطلقها تطليقة"، وفي لفظ ولكني لا أطيقه.

وفي رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده -رضي اللَّه عنه- عند ابن ماجه أن ثابت بن قيس كان دميمًا، وأن امرأته قالت: لولا مخافة اللَّه لبصقت في وجهه".

ولأبي داود والترمذي وحسنه: أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت منه فجعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عدتها حيضة. (٣)


(١) المرأة بين الدين والمجتمع (٣٤٩).
(٢) الفرقة بين الزوجين وأحكامها في مذاهب أهل السنة للدكتور سيد أحمد فرج (١٢٨)، وانظر بداية المجتهد (٢/ ٨١)، وانظر في هذه المسألة المغني (٧/ ٥١)، ومجموع الفتاوي (٣٢/ ٢٨٢)، وفتح الباري (٩/ ٣١٥).
(٣) البخاري (٧/ ٣٣٠)، وابن ماجه (١/ ٦٦٣) باب المختلعة تأخذ ما أعطاها، وأبو داود باب الخلع (١/ ٥٥٩)، والترمذي (٣/ ٤٩١) باب ما جاء في الخلع (٦/ ١٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>