للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على دعائم قوية من الترابط والتماسك تحقيقًا لهذه القاعدة التي قررها {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} (الأنفال: ٧٥)

وقد جاء التحريم في أول سورة الأحزاب إذ قال اللَّه تعالى {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (٤)} (الأحزاب: ٤) وقد كانوا يعطون الابن من التبني حقوق الابن من الصلب في الميراث وحرمة النكاح، وتلك عادة فاسدة، فكيف يكون هذا الدخيل مثل الابن الحقيقي يخلو بزوجة من تبناه وهي ليست أمه؟ وكيف يخلو ببناته وهن لسن بأخواته؟ وبأي حق يزاحمهم في الميراث ويحرم بقية العصبة من الأعمام والأخوة، أو يزاحم الولد من الصلب إن وجد؟ وكيف يترك المتبنى أباه وأمه وينسب إلى غير أهله، ويلتحق بقوم آخرين؟

من أجل هذه المفاسد حرم القرآن التبني، وقد طبق الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ذلك تطبيقًا عمليًا، فكان أول من هدم تلك العادة؛ لأنه القدوة للناس، فتزوج حليلة متبناه زيد بن حارثة بأمر اللَّه -عز وجل-، وقد صرح اللَّه -تعالى- في كتابه أنه هو الذي زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- من زينب بنت جحش، وأوضح الحكمة من هذا الزواج حيث قال: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (٣٧)} (الأحزاب: من الآية ٣٧). (١)

وكانت هناك حالات أخرى متبناه عند بعض الصحابة كسالم مولى أبي حذيفة.

وإذا نظرنا إلى سالم وإلى حالته وجدناها حالة خاصة قد تكون فريدة، فسالم تربى في بيت أبي حذيفة، وكان متبني، فكان أولًا قبل ذلك مولى لثبيتة بنت يعار الأنصارية زوجة


(١) إبطال القرآن لعادة التبني د/ عبد العزيز صقر من مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية العدد (٢٥/ ١٧٠: ١٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>