٢ - لو كان وصف الذكورة، أو الأنوثة في أمر الشهادة من حيث التسامي برجولة الرجل والهبوط بأنوثة المرأة، لو كان الأمر كذلك لما كانت الأولوية لشهادة المرأة في أمور الرضاعة والحضانة والنسب وغيرها مما تقوم الصلة فيه مع النساء أكثر من الرجال؛ ولما كانت الأولوية لشهادة النساء في كل خصومة جرت بين النساء بعضهن مع البعض، أيًّا كان سببها.
والإسلام يريد الشهادة أن تكون ناصعة واضحة الجوانب مشرقة مثل الشمس، ولا عجب فالشهادة تستحل الدماء والأنفس، والأعراض والأموال؛ لذلك شدد الإسلام في الشهادة، واحتاط لأمرها.
وليس فيما عبر به القرآن الكريم عن ذلك، وضع للمرأة موضع المهانة والازدراء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى، حيث عبر اللَّه بنفس هذا التعبير عن حالة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، قبل البعثة حينما لم يكن وقد وصل بعد إلى عقيدة يطمئن معها. فقال له تعالى: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (٧)} (الضحى: ٧).
وكذلك اشترطت نفس الآية {شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ}(البقرة: ٢٨٢)، وليس شهيدًا واحدًا لنفس العلة.
(١) العدالة في النظام الاجتماعي في الإسلام تأليف الدكتور محمد عبد الغني صـ ١١٦.