للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العرب المتبع من أساليبهم في خطبهم وأشعارهم وتراكيب بلغائهم. (١)

ومُدوّناتُ النّحو ما قُصد بها إلا ضبط قواعد العربية الغالبة ليجري عليها النّاشئون في اللّغة العربية، وليست حاصرة لاستعمال فصحاء العرب، والقرّاءُ حجّة على النّحاة دون العكس. (٢)

وإذا كان القرآن الكريم قد نزل بلسان عربي مبين {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢)} (يوسف: ٢)، فإن القواعد التي يحتاج إليها المفسِّر في فهم القرآن ترتكز على قواعد العربية، وفهم أسسها، وتذوق أسلوبها، وإدراك أسرارها، ولذلك كله فصول متناثرة، ومباحث مستفيضة في فروع العربية وعلومها. (٣)

لا يخفى على أحد أن لغة القرآن تمثل اللغة المثلى الكاملة، بيد أن ثمة مواضع منها جاء ظاهرها مشَكلًا على قواعد العربية، وضوابطها التي استقاها أهل الفن من أنواع السماع العربي الفصيح، ومن هنا حرص المفسرون وأهل اللغة على إجلاء ما يلتبس من الآيات، وبيان وجهته ونسبته إلى الصحة. (٤)

والعلوم المساعدة هي التي يُتَمَكَّنُ بها من ضبط العلم كعلم الأصول، وكذلك علم قواعد العربية التي يضبط بها دلالات الكتاب ودلالات السنة؛ لأن اللَّه -سبحانه وتعالى- جعل القرآن عربيًّا وبلسانٍ عربيٍّ مبين، وبين أن ذلك لكي يعقل ويفهم الناس ما في هذه اللغة من أسرار وحكمٍ عظيمة، فعلم اللغة وضبطها والإلمام بها علمٌ عزيز وعلمٌ له مكانته فإنه يساعد على فهم الكتاب وفهم السنة، {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (الزخرف: ٣).

القرآن عربي ولن يفهم فهما مستقيمًا إلا بدراسة العربية:

قال تعالى: {الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} (الرحمن).


(١) انظر: مقدمة تفسير التحرير والتنوير لابن عاشور.
(٢) التحرير والتنوير ٨/ ١٠٣.
(٣) مباحث في علوم القرآن لمناع القطان ص ١٩٨.
(٤) جهود سيبويه في التفسير لأحمد الخراط ص ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>