للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منع من ظهورها اشتغال المحل (١) بحركة المناسبة لـ "ياء" المتكلم، والمفعول به هو: "الظالمين" والمعنى: لا ينفع عهدي الظالمين، ومجيء "الظالمين" منصوبًا هو قراءة الجمهور من القراء. (٢)

وليس في مجيء "الظالمين" منصوبًا على المفعولية خلاف بين العلماء، ومعناه: أي لا يصل عهدي إلى الظالمين فيدركهم. (٣)

وذكر أنه في قراءة ابن مسعود: "لا ينال عهدي الظالمون"، بمعنى: أن الظالمين هم الذين لا ينالون عهد اللَّه، وإنما جاز الرفع في: "الظالمين" والنصب، وكذلك في "العهد"؛ لأن كل ما نال المرءَ فقد ناله المرءُ، كما يقال: "نالني خيرُ فلان، ونلتُ خيرَه"، فيوجه الفعل مرة إلى الخير ومرة إلى نفسه. (٤) أي أن العهد يَنال كما يُنال. (٥)

واختلف أهل التأويل في العهد الذي حرم اللَّه -جل ثناؤه- الظالمين أن ينالوه فقال بعضهم: ذلك العهد هو النبوة. .، وقال آخرون: معنى ذلك أنه لا عهد عليك لظالم أن تطيعه في ظلمه. .، وقال آخرون: معنى العهد في هذا الموضع الأمان. .، وقال آخرون: بل العهد الذي ذكره اللَّه في هذا الموضع دين اللَّه. . (٦)

ولا يخفى ما في هذا التعبير القرآني من بلاغة؛ إذ العهد هو الذي يختار مَنْ يُسند إليه في رفعة وشرف، كما أنه لابد أن يقدم هنا، لأنه مضاف إلى اللَّه تعالى فهل يُستساغ أن يُقدم الظالمون عليه؟ !

* * *


(١) المحل هنا هو حرف الدال من "عهدي".
(٢) وانظر: معجم القراءات (١/ ١٨٩). وذكر أن أبا رجاء وقتادة والأعمش وابن مسعود وطلحة بن مصرف يقرؤون بالرفع.
(٣) الفتوحات الإلهية للجمل ١/ ١٠٣.
(٤) تفسير الطبري ١/ ٥٣٢.
(٥) المحرر الوجيز لابن عطية ١/ ٢٠٧.
(٦) تفسير الطبري ١/ ٥٣٠ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>