للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كعرض السموات السبع والأرضين السبع عند ظنكم كقوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} (هود: ١٠٧) أي: عند ظنكم وإلا فهما زائلتان (١).

قلت: فظن الناس بمنح السموات والأرض صفة الديمومية أنما هو أمر نسبي، والأولى إعطاء هذه الصفة للجنة ولمن يدخلها؛ لأنهم رأوا الأمم والحضارات تفنى والأرض والسموات باقية، فهذا البقاءٌ بقاءٌ نسبيٌ، كأن تقول: خرج كل الأولاد من الفصل وبقي ولدٌ واحدٌ، ومع ذلك فإن هذا الولد ما يمكث إلا وقتًا قليلًا وسيغادر المكان.

ومساواة عرض الجنة بعرض السموات والأرض أمر نسبي، وإلا فعرض الجنة أعظم من ذلك، وعند مساواة أمور نسبية بعضها ببعض أو ذكر شيء نسبي في أحد طرفي المعادلة للمساواة بينهما يمكن ذكر الأرض؛ حتى ولو كان حجمها أصغر بكثير من حجم السموات.

وأضرب مثالًا على ذلك: الإنسان البدائي إذا نظر إلى نجوم السماء، فمن أول وهلة يشعر بصغر حجمها بالنسبة إلى الأرض، مع أن النجم الواحد قد يفوق مئات المرات مثل حجم الأرض.

إذن هناك فارق بين ذكر الأمور النسبية، وذكر الحقائق العلمية والأرقام الفلكية، وذكر الأمور النسبية ليس عيبًا في حد ذاته؛ بل المستكشف للكون وأفلاكه يعلم أنه لابد من الأخذ في الاعتبار الأمور النسبية (كالزمن النسبي) جنبًا إلى جنب للأرقام الفلكية، وهذا ما جعل النظرية النسبية لـ (أنشتين) تحظى برواج بالغ بين الأوساط العلمية.

٢ - وفي قوله تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (١٠)} (الزمر: ١٠).

قال أبو مسلم: لا يمتنع أن يكون المراد من الأرض أرض الجنة (٢).


(١) السراج المنير ١/ ٥٤٣؛ (آل عمران: ١٣٣).
(٢) السراج المنير لمحمد الشربيني الخطيب ١/ ٣٧٥٠؛ (الزمر: ١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>