للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأن سن الجهنمي كجبل أحد (١)، وأن أهل الجنة يدخلونها على طول آدم -عليه السلام- ستين ذراعًا في عرض سبعة أذرع (٢)، ولا شك أن الفريقين لم يباشروا الشر والخير بتلك الأجسام، بل من أنصف رأى أن أجزاء الأبدان في الدنيا لا تبقى على كميتها كهولة وشيخوخة، وكون الماهية واحدة لا يفيد لأنا لم ندع فيما نحن فيه أن الجلد الثاني يغاير الأول كمغايرة العرض للجوهر أو الإنسان للحجر؛ بل كمغايرة زيدٍ المطيع لعمروٍ العاصي مثلًا، على أنه لو قيل: إن الكافر يعذب أولًا ببدن من حديد تحله الروح، وثانيًا: ببدن من غيره كذلك لم يسغ لأحد أن يقول: إن الحديد لم يعص فكيف أحرق بالنار؟ ولولا ما علم من الدين بالضرورة من المعاد الجسماني بحيث صار إنكاره كفرًا لم يبعد عقلًا القول بالنعيم والعذاب الروحانيين فقط (٣).

وقال الشعراوي: فهل التعذيب للجلود أو للأعضاء؟ إن العذاب دائمًا للنفس الواعية، وإن الجلود تبدل وتنشأ جلود أخرى من نفس مادتها توصل العذاب للنفس الواعية، ونظرية (الحسّ) -كما نعرف- شغلت العلماء الماديين، وأرادوا أن يعرفوا كيف نحسّ؟

منهم من قال: نحن نحسّ بالمخ. نقول لهم: لكن هناك مسائل لا تصل للمخ ونحس بها، بدليل أنه عندما يأتي واحد أمام عيني ويوجه أصبعه ليفتحها ويثقبها قبل أن يصل أصبعه أغلق عيني؛ أي: أن شيئًا لم يصل للمخ حتى أحسّ.

وبعض العلماء قال: إن الإحساس يتم عن طريق النخاع الشوكي والحركة العكسية. ثم انتهوا إلى أن الإحساس إنما ينشأ بشعيرات حسية منبطحة مع الجلد؛ بدليل أنك عندما


= سنة إحدى وسبعين وحاصر ابن الزبير، ثم قتل ابن الزبير سنة ثلاث وسبعين وتوفي سنة خمس وتسعين. والأثر ضعفه ابن كثير في البداية والنهاية وقال: هذا معضل وفي صحته عن علي نظر.
(١) هذا معنى حديث ورد في ذلك وهو قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ضِرْسُ الْكَافِرِ أَوْ نَابُ الْكَافِرِ مِثْلُ أُحُدٍ وَغِلَظُ جِلْدِهِ مَسِيرَةُ ثَلَاثة أيامٍ" رواه مسلم (٥٠٩٠).
(٢) رواه أحمد ٢٢/ ٣٦ (١٠٤٩٢) من حديث أبي هريرة، وصححه الألباني في المشكاة (٥٧٣٦).
(٣) روح المعاني ٤/ ٩٥ - ٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>