للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأكثر من أربع سنين من انقضائها لم يلحقه؛ لأنا تحققنا أنه لم يكن موجودًا في الأقراء والأشهر فتبين بانقضائها وتصير كما لو بانت بالطلاق ثم ولدت لأكثر من أربع سنين، وهذا الثاني هو الأصح عند الأكثرين وحكوه عن نص الشافعي رحمه اللَّه.

ولك أن تقول: هذا وإن استمر في الأقراء لا يستمر في الأشهر، فإن التي لا تحمل لا تعتد بالأشهر، فإذا حبلت بان أن عدتها لم تنقض بالأشهر، وسيأتي نظير هذا إن شاء اللَّه تعالى. ثم هذا الحروف على ما ذكره الروياني وغيره فيما إذا أقرت بانقضاء العدة، فإن لم تقر فالولد الذي تأتي به يلحقه وإن طال الزمان؛ لأن العدة قد تمتد لطول الطهر، وحكى القفالُ فيما إذا لم تقر وجهًا ضعيفًا: أنه إذا مضت ثلاثة أشهر ثم ولدت لأكثر من أربع سنين لم يلحقه؛ لأن الغالب انقضاء العدة في ثلاثة أشهر، ومتى حكمنا بثبوت النسب كانت المرأة معتدة إلى الوضع، فيثبت للزوج الرجعة إن كانت رجعية ولها السكنى والنفقة (١).

وقال الشافعي في امرأة المفقود: فقال في القديم: تتربص أربع سنين أكثر مدة الحمل، ثم تعتد للوفاة أربعة أشهر وعشرًا وتحل للأزواج (٢).

وقال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب: أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ بِالِاسْتِقْرَاءَ؛ وَلِأَنَّ عُمَرَ -رضي اللَّه عنه- قَالَ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ، ثُمَّ تَعْتَدُّ بَعْدَ ذَلِكَ. قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَسَبَبُ التَّقْدِيرِ بِالْأَرْبَعِ أَنَّهَا نِهَايَةُ مُدَّةِ الْحَمْلِ، فَإِنْ طَلَّقَهَا بَائِنًا، وَكَذَا رَجْعِيًّا أَوْ فَسَخَ نِكَاحَهَا وَلَوْ بِلِعَانٍ وَلَمْ يَنْفِ الْحَمْلَ فَوَلَدَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ مِنْ وَقْتِ إمْكَانِ الْعُلُوقِ قُبَيْلَ الطَّلَاقِ أَوْ الْفَسْخِ لَحِقَهُ، وَبَانَ أَنَّ الْعِدَّ لَمْ تَنْقَضِ إنْ لَمْ تَنْكِحْ الْمَرْأَةُ آخَرَ أَوْ نَكَحَتْ، وَلَمْ يُمْكِنْ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْ الثَّانِي لِقِيَامِ الْإِمْكَانِ سَوَاءٌ أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا قَبْلَ وِلَادَتِهَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ النَّسَبَ حَقُّ الْوَلَدِ فَلَا يَنْقَطِعُ بِإِقْرَارِهَا، وَإِنْ أَتَتْهُ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْإِقْرَارِ، وَيُفَارِقُ مَا لَوْ اسْتَبْرَأَ أَمَتَهُ بَعْدَ وَطْئِهِ لَهَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ لِسِتَةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ حَيْثُ لَا يَلْحَقُهُ بِأَنَّ فِرَاشَ


(١) الروضة (٣/ ٢٤١)، وإعانة الطالبين البكري الدمياطي (٤/ ٥٠).
(٢) المجموع (١٨/ ١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>