للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تشاغلهم بالصعق والمحاسبة والجواز على الصراط وإثباتها فيما عدا ذلك، وهذا منقول عن السدي؛ أخرجه الطبري، ومن طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أن نفي المساءلة عند النفخة الأولى وإثباتها بعد النفخة الثانية (١).

وقال أيضًا: والآية الأخرى التي ذكرها ابن عباس وهي قوله: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} فقد ورد ما يؤيده من حديث أبي هريرة؛ أخرجه مسلم في أثناء حديث وفيه: "ثم يلقى الثالث فيقول: يا رب آمنت بك وبكتابك وبرسولك ويثني ما استطاع فيقول الآن نبعث شاهدًا عليك فيفكر في نفسه من الذي يشهد عليَّ؟ ! فيختم على فيه وتنطق جوارحه" (٢).

قال الشوكاني: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ} قيل: هذه هي النفخة الأولى. وقيل: الثانية؛ وهذا أولى، وهي النفخة التي تقع بين البعث والنشور. وقيل: المعنى: فإذا نفخ في الأجساد أرواحها على أن الصور جمع صورة لا القرن؛ ويدل على هذا قراءة ابن عباس والحسن {الصُّورِ} بفتح الواو مع ضم الصاد جمع صورة، وقرأ أبو رزين بفتح الصاد والواو، وقرأ الباقون بضم الصاد وسكون الواو وهو القرن الذي ينفخ فيه، {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ} أي: لا يتفاخرون بالأنساب ويذكرونها لما هم فيه من الحيرة والدهشة {وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} أي: لا يسأل بعضهم بعضًا فإن لهم إذ ذاك شغلًا شاغلًا ومنه قوله تعالى: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (٣٦) وقوله: {وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (١٠) ولا ينافي هذا ما في الآية الأخرى من قوله: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (٢٧)} فإن ذلك محمول على اختلاف المواقف يوم القيامة، فالإثبات باعتبار بعضها والنفي باعتبار بعض آخر؛ كما قررناه في نظائر هذا مما أُثبت تارة ونُفي أخرى (٣).


(١) فتح الباري ٨/ ٥٥٨.
(٢) فتح الباري ٨/ ٥٥٨.
(٣) فتح القدير ٣/ ٧١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>