وفي قول ربنا تبارك وتعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا}(الفرقان: ٤٥) إشارة واضحة إلى كل من كروية الأرض ودورانها حول محورها أمام الشمس، وإلى جريها في مدار محدد لها حول ذلك النجم بمحور مائل على مستوى مدار الشمس، وإلا ما تكون الظل، ولا تبادلت الفصول المناخية، فلو أن الأرض لم تكن كرة ولم تكن دوارة حول محورها أمام الشمس ما امتد الظل، ولا تبادل الليل والنهار، ولو أن كوكبنا لم يكن جاريًا باستمرار في مدار محدد حول الشمس، وبمحور مائل على مدارها ما تبادلت الفصول المناخية، ولا تغيرت زوايا سقوط أشعة الشمس على الأرض وبالتالي تغيرت شدتها، ولظلت أشعة الشمس مسلطة باستمرار على أحد نصفي الأرض المغمور في نهار دائم فتُبخِّرُ الماءَ، وتُخلخل الهواء، وتحرق كل حي أو تصيبه بالأمراض والعلل، بينما نصفها الآخر يبقي مغمورًا في ليل دائم تتجمد فيه الأحياء وتفنى فناءً كاملًا لحرمانها من طاقة الشمس، ويختل التوازن الحراري للأرض بالكامل في كل من نصفيها، وباختلاله تنعدم الحياة وفي مثل هذا الوضع الثابت للأرض، تسكن الظلال ولا تتحرك لا بالزيادة ولا بالنقصان، كذلك فإنه لولا وصول سرعة دوران الأرض حول محورها إلى معدلاتها الحالية ما صلحت الأرض للعمران، فمن الثابت علميًا أن هذه السرعة كانت في بدء خلق الأرض أعلى من ستة أضعاف معدلاتها الحالية، مما جعل طول الليل والنهار معًا أقل من أربع ساعات، وجعل عدد الأيام في السنة أكثر من (٢٢٠٠) يوم، ومن الثابت علميًا كذلك، أن ساعتين فقط من شروق الشمس لا تكفيان لازدهار الحياة الأرضية المعروفة لنا، ولا لراحة أو كدح مخلوق عاقل كالإنسان.
ويتكرر انتفاء صلاحية الأرض للحياة إذا كانت سرعة دورانها حول محورها هي نفس سرعة جريها في مدارها حول الشمس فيصبح يومها هو سنتها التي يقتسمها نهار واحد وليل واحد؛ طول كل منهما ستة أشهر كاملة، كما هو الحال في القمر الذي يتم دورته حول محوره في نفس مدة جريه في مداره حول الأرض فيصبح يومه هو الشهر القمري يقتسمه