في مدارها حول الشمس بسرعة تقدر بنحو ٣٠ كم في الثانية، وهاتان الحركتان تلعبان دورًا أساسيًا في مد الظل وقبضه، ويمَوُّن الظلِ نعمة من نعم اللَّه -تعالى- لأنه يحمي كلًا من الإنسان والحيوان والنبات من أشعة الشمس التي لو زادت لساعات فوق احتمال كل من هذه المخلوقات لأحرقتها ودمرتها؛ وذلك لخطورة بعض الموجات المكونة لأشعة الشمس ومن أخطرها الأشعة فوق البنفسجية، وهي من الأشعات غير المرئية والتي ثبت أن لها آثارًا تدميرية على الخلايا الحية إذا تعرضت لتلك الأشعات لساعات طويلة، فالتعرض لأشعة الشمس المباشرة لساعات طويلة ومتكررة خاصة في فترات شدة الحر يسبب العديد من الأمراض التي منها سرطانات الجلد التي قد تنتشر لبقية الجسم إذا لم تتدارك بسرعة، ومنها إكزيما الشمس، وأمراض حساسية الضوء، وأمراض الميلانوما (الأورام القتامينية الخطيرة)، والتقرن الشمسي للجلد، وحروق الشمس، والتأثير على الجهاز المناعي، وعلى العينين فتسبب مرض الماء الأبيض (الساد أو السد).
وبتكون الظلال يتبادل كل من الليل والنهار، والفصول المناخية، وتتشكل المراحل المتتالية للقمر، ويحدث الخسوف، والكسوف ويمكن حساب الزمن، ولولا الظل ما بدت الأشياء مجسمة، واضحة الملامح، ومميزة بها.
هذه الحقائق نزلت في زمن سيادة الاعتقاد بثبات الأرض، وورودها بهذه الدقة العلمية القاطعة في كتاب أنزل من قبل ألف وأربعمائة سنة على نبي أمي -صلى اللَّه عليه وسلم- وفي أمة كانت غالبيتها الساحقة من الأميين لما يقطع بأن هذا الكتاب لا يمكن أن يكون صناعة بشرية، بل هو كلام اللَّه الخالق الذي أنزله بعلمه على خاتم أنبيائه ورسله، وحفظه بعهده الذي قطعه على ذاته العلية، في نفس لغة وحيه -اللغة العربية- وحفظه حفظًا كاملًا كلمة كلمة، وحرفًا حرفًا؛ حتى يأتي بهذه الدقة العلمية، وقد تحقق هذا الحفظ على مدى الأربعة عشر قرنًا الماضية، وسوف يستمر إلى ما لا نهاية تحقيقا لقول ربنا تبارك وتعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)} (الحجر: ٩).